فيها، رأى أن يراجعهم بقبول ذلك، فأمر الغَزَال أن يمشي في رسالته مع رسُل ملكهم، لما كان الغزال عليه من حدة الخاطر، وبديهة الرأي، وحسن الجواب والنجدة والإقدام والدخول والخروج من كل باب، وصحبته يحيى ابن حبيب، فنهض إلى مدينة شلب، وقد أنشئ لهما مركب حسن كامل الآلة، وروجع ملك المحبوس على رسالته وكوفئ على هديته، ومشى رسول ملكهم في مركبهم الذي جاءوا فيه مع مركب الغزال، فلما حاذوا الطرف الأعظم الداخل في البحر الذي هو حد الأندلس في آخر الغرب، وهو الجبل المعروف بألوية هاج عليهم البحر، وعصفت بهم ريح شديدة وحصلوا في الحد الذي وصف الغزال في قوله:

قال لي يحيَى وصِرْ ... نا بَين موجٍ كالجبالِ

وتولَّتنا رياحٌ ... من دَبُور وشَمالِ

شَقَّت القِلْعَين وأن ... بَتَّتْ عُرا تِلك الحِبال

وتَمطَّى ملَكُ المو ... ت إلينا عن حِيَال

فرأينا الموت رأىَ العين حالاً بعد حالِ

لم يكن للقومِ فينا ... يا رفِيقِي رأسُ مال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015