حتى إذا رأينا قول الغزال، وعلمنا انه سبق إليه بزمانه، على أن البحتري استحقه

أيضا بإحسانه، لأنه أتى بالمعنى في بيت واحد، واختصره اختصارا حسنا. كما أن قول الغزال:

لا يُمكن النّاظَر من رُؤيةٍ ... إلا التماحَ الخائفِ المُذنبِ

حسن جدا في معنى الهيبة، وقد أخذه منهم محمد بن أبي الحسن، فقال

ووأحسن، وزاد في المعنى وبين:

كأنا من الإجلالِ تحت غَمامةٍ ... نُطَأطي لها بالرُّعب كلَّ الأحاين

كأناّ قُرِفنا باجْترامٍ ومالنا ... لساٌن يُقوينا بِعُذْر مُباين

ولبعض أهل البلاد من قصيد يمدح به أمير المسلمين علياً:

أراكَ ملأت الخافِقَين مهابةً ... لهَا مَا تُلِيح الشّهبُ في الخَفَقانِ

وتُغضى العيونُ عن سنَاك كأنّها ... تُقابِلُ منك الشّمس في اللَّمعان

ولو سقنا جميع ما لأهل قطرنا في مثل هذا لخرجنا عن غرضنا. فلنرجع إلى شعر الغزال فإنه قال في آخره:

إن تُرد المَاَل فإني امرؤٌ ... لم اجَمع المالَ ولم اكْسِبِ

إذا أخذتَ الحقَّ مِنِّي فلا ... تَلتَمِس الرّبح ولا تَرغَب

قَد أحسنَ الله إلينَا معا ... إن كان رأس المال لم يذهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015