فقال، وقد اعجب بها جدا: احسن ما في القطعة حسن سياقة الإعداد. فقلت له: هي حسنة، ولكنها دون موقعها منك. وإلا الست تراه قد استرسل فلم يقابل بين ألفاظ البيت الأخير والبيت الذي قبله، فينزل بإزاء كل واحد منها ما يلائمها. وهل يحسن أن ينزل بإزاء قوله: وإذا نطق: قوله: شغل الحدق. وكأنه نازعني القول في هذا. فقلت هذه القطعة المتقدمة انسج على ذلك المنوال. قال: فاستحسنها ابن أبي تليد.
قلت: هذا تعسف. ولم يرد ابن رشيق مقابلة الأعداد بعضها ببعض، وإنما أراد أن
جملة محاسن هذا النير الزاهر، شغلت جملة هذا المتأمل الناظر. وقد عارضه الخفاجي في هذا الروي:
يا شَفَقًا ساطعاً على فَلَقْ ... يا ذَهباً سائلاً على وَرِقْ
ما الحُسن إلا مُعصفَرُ شَرِق ... فاض على جسمٍ أبيضِ يَقَقْ
قد نَصب الحُسنُ وجْهَه غَرضاً ... تَرشُقُه اسهٌم من الحَدَقْ
أبْيَضَّ واخضرَّ شطُر عارِضه ... فاقترن النَّوْر منه بالوَرَق