فاخري يا حَلَبُ المُدْ ... نَ يزِدْ جاهُكِ جَاهَا

فإذا ما كانت المدنُ ... رِخاخاً كنتِ شاها

فلما أن عزمنا على الرحيل منها في اليوم المذكور، لم يتخلف أحد من الأصحاب عن الحضور، ثم أخذوا في أصناف الوداع وهم بين مثن وداع وباك ومتأسف على عدم ملازمة الاجتماع، وأنا أودعهم والجوانح ملتهبة، والدموع منسربة، والشوق بالقلوب لاعب، وغراب البين بفرقة الإخوان ناعب، ثم أخذت في أسباب الترحال وأنشدت بلسان الحال والقال:

ليت شعري أنلتقي بعد هذا ... أم وداعاً يكون هذا اللقاء

فاذكروني وزودوني دعاء ... خير زاد تزودوني الدُّعاء

ثم لما قدموا الجواد، قرأ في قفاي ابن الشيخ حسين (إنَّ الذِي فَرَضَ عَلَيكَ القُرآنَ لرادُّكَ إلى مَعَاد)، ثم أنشد البيتين المجربين في عود من قيلا في قفاه إلى محل وطنه سالماً واجتماعه بقائلهما بعون الله كما نصّ عليه في الإحياء حجة الإسلام الغزالي أمدنا الله تعالى بمدده المترادف المتوالي، وهما:

يا من يريد الرحيل عنّا ... أسعدك الله في ارتحالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015