السلام وعدلا عن الطريق بعد أن ردا عليّ السلام، فتبعتهما فذهبا وأسرعا في المشي وهربا، ثم وقفا يتوامران ويتشازران ويتشاوران، فسقت وراءهما فسقط أحدهما في بعض تلك الوهاد سقطة عظيمة هلك منها أو كاد، وحار الآخر وخاص، ثم ولى مدبراً وله خصاص، ولم نزل نسير مستعدين ونسري مجدين في تلك الفدافد والفيافي ونحن كما قال الرُّصافي:

ومُجِّدين في السُّرى قد تَعَاطوْا ... خمرات الكَرَى بغيرِ كؤُوسِ

جَنَحُوا وانحنوا على العِيْسِ حتَّى ... خِلتُهُمْ يعتبون أَيْدي العيسِ

نَبَذُوا الغُمْضَ وهو حُلْوٌ إلى أنْ ... وَجَدوهُ سُلافةً في الرءُوسِ

حماة

فما طلع من الغد وجه النهار، ولا بدا فيه حاجب الأسفار، إلاّ وقد أشرفنا على مدينة حَمَاة، جعلها الله تعالى في حفظه وحِمَاه، تتلع إلينا أجياد قصورها وغرفاتها، وتبسم عن ثغور أسوارها، وفلج شرفاتها كالعذارى شدت مناطقها، وتوّجت بالإكليل مفارقها، فحمدنا عند الصباح السرى، ونفَّرنا عن وكر العيون طير الكرى، ثم دخلنا المدينة حين أشرق وجه الشمس مسفراً ضاحكاً مستبشراً من يوم الأحد رابع عشر في شهر رمضان، ونزلنا خارجها على نحو نصف ميل ببستان، ذي زهور وفينان، وأغصان تتمايل تمايل النشوان، ومذانب تسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015