وما كنت أدري قبل ذلك والهوى ... فنون بأن الرَّوض يهوى ويعشق
فحرّك سواكن أحزان، وأثار كمائن أشجان، وأذكرني بالأهل والأوطان، فترادفت لي زفرات وحَنين، وتتابعت مني عبرات وأنين، وتمثلت بقول بعض المغرمين:
تالله لقد سمعتُ بالدوح أنين ... ورقاَء تنادي بنحيب وحنين
الإلفُ مجاوري وهذا كلفي ... ما حَال قرين قد نأى عنه قرين
ثم بتنا بذلك الخان، والنوم لا تألفه العينان، ولا يعرف طريقاً للأجفان، والغرام للقلب مقلق، والبكاء للكبد مغلق، ولواعج الجوانح مع وجود ذلك البرد تحرق، وقد اجتمع هناك من أدمع العين والغمام نهر مغدق بل بحر مغرق، وذلك الليل بأذيال الوجود متعلّق، ولعُهوده أن لا يفاجئه الصباح متوثّق، والصباح في نومِه مستغرق، أو مقيد في قعر سجن لا فاكَ له منه ولا مُطلِقْ، أو ميت ثوى فحواه لحدّ مطبق ضيّق، ولم نزل نستشم رائحة أجناده (ونستنشق، ونسأل عنه) كل مغرّب ومشرّق، إلى أن سطع نوره المَشْرق، وتهلل وجهه من المَشْرق، ونحن نكذب