= وخالفهم ابن المبارك فرواه عن أسامة قال: أخبرني محمَّد بن عبد الله بن عَمرو أن ابن لَبيبة أخبره، أخرجه أحمد (1/ 172، 180)، والطبراني في الدعاء (3/ 1640) واللفظ له، والبيهقيُّ في الشعب (1/ 407) من طريق عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد قال: أخبرني محمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عفان أن محمَّد بن عبد الرحمن بن لَبيبة أخبره، أن عمر بن سعد أخبره، أنه سمع أباه يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يقول: "خير الرزق ما يكفي، وخير الذكر الخفي".
قال الدارقطني: بعد أن ساق هذين الوجهين: والله أعلم بالصواب (العلل 4/ 393).
قلت: وهذه الرواية تشهد على الانقطاع الذي بين ابن لَبيبة وبين سعد، حيث دلت على أن ابن لَبيبة يرويه عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ بن أبي وقاص رضي الله عنه وأما اختلاف الرواية على أسامة بن زيد، فمرة يُروى عنه عن ابن لَبيبة، ومرة عنه عن محمَّد بن عبد الله بن عَمرو، عن ابن لَبيبة، فالظاهر أنه سمعه منهما، فتارة يرويه بالواسطة، وتارة بحذفها، والله أعلم.
ولأوله شواهد عن أبي سعيد الخدري، وهو الحديث الماضي برقم (3186)، وما ذكر في تخريجه عن أبي الدرداء، وأنس، وثوبان، وأبي هريرة، وآخرين رضي الله عنهم.
ويشهد لقوله "خير الذكر ما يخفى" حديث أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-، فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا، وكبرنا، ارتفعت أصواتنا.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَا أيها الناس، أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنه معكم، إنه سميع قريب، تبارك اسمه، وتعالى جده".
أخرجه أحمد (4/ 417)، والبخاري (فتح 6/ 135) وهذا لفظه، ومسلم (4/ 2076)، وأبو داود (2/ 87) والنسائيُّ في السنن الكبرى (5/ 255)، وفي عمل اليوم والليلة (ص 364).
وبهذه الشواهد يرتقي لفظ الباب بشطريه إلى مرتبة الحسن لغيره، والله الموفق.