طباعهم، واتّقدت قرائحهم، وتنبهت فطنهم، وراضوا الكلام، ورووا وميَّزوا.
هذا شاعر حاذقٌ مميِّز ناقد، مهذّب الألفاظ، مثل البحتريّ، لم يكمل لنقد جميع الشعر. ولو أنّ نقد الشعر والمعرفة كان يدرك بقول الشعر وبالرواية، لكان من يقول الشعر من العلماء ويعرض له أشعر الناس.
هذا الخليل بن أحمد، وحمّاد الراوية، وخلفٌ، والأصمعيّ وسائر من يقول الشعر من العلماء، ليس شعرهم بالجيِّد من شعر زمانهم، بل في عصر كل واحدٍ منهم خلقٌ كثيرٌ ليس لجماعتهم علم واحد من هؤلاء، وكلُّهم أجود شعراً. فقد يقول الشعر الجيِّد من ليس له المعرفة بنقده، وقد يميِّزه من لا يقوله.
وقد قيل لابن المقفّع: لم لا تقول الشِّعر مع علمك به؟ فقال: أنا كالمسنّ، أشحذ ولا أقطع.
أخبرنا الفسوىّ قال: حدّثني يموت بن المزرَّع قال: سمعت الجاحظ يقول: أجود الشعر ما رأيته متلاحم