وثقوا فأمنوا، وركنوا فاطمأنّوا، وامتدّ رضاعٌ وآن فطام، فجّرت مكان لبنها دما، وأعقبتهم من حلو غذائها مرّاً، ونقلتهم من عزّ إلى ذلّ، ومن فرحة إلى ترحة، ومن مسرّة إلى حسرة، قتلاً وأسراً، وغلبة وقسرا، فقلّ من أوضع في الفتنة مرهجا، واقتحم لهبها مؤجّجا، إلا استحلمته آخذة بمخنّقه، وموهنة بالحقّ كيده، حتّى تجعله لعاجله جزراً، ولآجله حطبا، وللحقَ موعظة. ومن الباطل مزجرة، ذلك لهم خزيٌ في الدّنيا، ولعذاب الآخرة أشقّ، وما الله بظلاّم للعبيد.

وهذه الرسالة التي قال إبراهيم بن العباس: إنّي ما اتّكلت قطّ في مكاتبي إلاّ على ما يجيله خاطري. ويجيش به صدري، إلاّ قولي: " وصار ما كان يحرزهم يبرزهم، وما كان يعقلهم يعتقلهم "، وقولي: " ستنزلوه من معقل إلى عقال، وبدّلوه آجالاً من آمال " فإني ألممت بقول مسلم:

كأنه أجَلٌ يَسعى إلى أملِِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015