الكفر مكان الشّكر، ولا العقاب موضع الثواب. قد والله محضتك النصيحة، وشددتً أواخيّ ملكك بأثقل من ركني يلملم، وجعلت عدوّك أرضاً مديسة، تطؤه الأقدام، ويذلّه الإرغام. فالله الله في ذي رحمك أن تقطعه برجم ظنّ أفصح الكتابُ بأنّه إثم فقد والله سنّيت لك الأمور، وقرّرتُ على طاعتك القلوب في الصّدور. فكم ليل تمام فيك كابدته، ومقام ضنك فيك قمته، كنت فيه كما قال الشاعر:
ومقامٍ ضيِّق فرّجته ... بلساني وبياني وجدَلْ
لو يقوم الفيلُ أو فيّاله ... زلَّ عن مثل مقامي وزحَل
وقيل للرشيد: إنّ عبد الملك يعدّ كلامه ويفكّر فيه، فلذلك بانت بلاغته. فأنكر الرشيد ذلك وقال: بل هو طبعٌ فيه. ثم أمسكَ حتى جلس يوماً ودخل عبد الملك،