ذلك العلم أو فى هذا المجال، فإذا لم تحدد الأمور والمصطلحات تحديداً دقيقاً يحدث اضطراب كبير، ويؤدى على المدى الطويل إلى نزاع واسع واختلاف وخلاف كما حدث فى تعريف الحسن والقبح، عند المعتزلة وأهل السنة، فكان أحدهما يطلق كلمة الحسن بمعنى بينما يفهمها الآخر بمعنى آخر، وبذلك لا يتصل التخاطب، ولا تتم القاعدة التى تقول: إن الاستعمال من صفة المتكلم والحمل من صفة السامع والوضع قبلها لأنهما لم يتواضعا على معنى محدد للمصطلحات الجارية فى النقاش وبهذا حدث الخلاف الواسع، وقد يكون هذا الخلاف قد استقر عند كثير جداً من المعتزلة، وعند كثير جدا من أهل السنة فيما بعد، ولكن لم نجد من نبه إليه حتى الآن، وأنه راجع إلى خلاف لفظى.

وأرى أن هناك جانبا كبيراً من المسألة يرجع إلى تحديد المصطلحات، وأنه

ْعندما اقتنع المتناظر بمدلولات المصطلحات انتهت كثير من المناقاشات حول هذه المسألة، فالحَسَن والقبيح، أو الحُسن والقُبح، هل هو بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته أو أنه ما يستوجب المدح وما يستوجب الذم، فهذان عقليان بالاتفاق أو أنه ما يترتب عليه ثواب فى الآخرة أوعقاب فى الآخرة، وهذا هو الذى وقع فيه النزاع أعقلى أم شرعى.

فلو أننا حددنا لانتهى كثير من الخلاف حول هذه المسألة.

ولما أنكر كثير من الناس الحسن والقبح العقلى، ولما وقع كثير من الناس

فى تأييده بالمعنى المتنازع فيه، أو عدم تأييده فى المعنى المتفق عليه، وهكذا نجد أن هناك مساحات للاتفاق ومساحات للخلاف يمكن أن تظهر عند تحديد

المصطحات.

كما يقول ابن حزم: لو اتففت مصطلحات الناس لانتهت ثلاثة أرباع

خلاف أهل الأرض.

على كل حال فإن الأمر كان يدرس رغم اضطرابه بشيء من الهدوء وطول

البال، وكان - على ما أدى إليه من اضطراب كان مقبولاً أو مقدورا عليه ولكن الأمر يزداد سوء إذا نظرنا فى اضطراب المصطلحات بين القديم والحديث وعلاقة ذلك بالتلاعب بالمفاهيم وأثار ذلك على قراءة التراث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015