فعلينا أن نتوقف فيها دون أن نعرف من الواضع، لأن هذا لا يفيدنا فى
شيء ومنها غير ذلك مما لا أطيل فيه، لأنه ليس هو المقصود بالذات.
ولم يقتصر الأمر على الوضع اللغوي وجعل الألفاظ بإزاء المعانى فى اللغة
التى تعارف عليها الناس والتى نقلت الأفكار من ذهن إلى ذهن، ومن شخص إلى آخر حيث جاء الشرع الشريف بوضع جديد وبألفاظ جديدة بإزاء معانى لم تكن معهودة أمام هذه الألفاظ فى اللغة، فأصبح عندنا حقائق شرعية، وحقائق لغوية،
والحقيقة هى اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً فى اصطلاح التخاطب.
فإذا أطلقت الصلاة فى لغة الشرع أو عند علماء الشرع انصرفت إلى
الأقوال والأفعال المبتدئة بالتكبير المختتمة بالتسليم ذات الشروط الخاصة المعروفة عند أهل الشرع، على أنها فى اللغة، كانت أولا تعنى العطف كما نص على ذلك ابن هشام وغيره من أئمة اللغة وفرعوا من العطف الدعاء والصلة وما إلى ذلك من معان أخرى، وكذلك الصيام والزكاة والحج والنية.
فكل هذه الألفاظ لها فى الشرع معان ولها فى اللغة معان أخرى، ومعانيها
فى الشرع لها ثمة علاقة بمعانيها فى اللغة. ولكن ليس هى نفسها.
وهذا الوضع الجديد لتلك الألفاظ بإزاء معانيها التى حددها الشرع، وهو
ما يسمى بالوضع الشرعى -
وقد تضع اللغة لفظة بإزاء معنى من المعانى ويأتى العرف فيخرحها عن
معناها إلى معنى آخر، وهذا ما يسمى بالوضع العرفى العام، فكلمة دابة مثلاً
تعنى فى اللغة كل ما يدب على الأرض، ولكن الناس فى العراق وفى مصر قديما