لاشتراكهما فى علة الحكم عند المثبت، عرفرا العلم هنا بمطلق الإدراك فى حين أنهم عرفره بأنه الإدراك الجازم الثابت المطابق للواقع عن دليل فى كل أمر.
وسبب ذلك أن القياس يجرى عندهم فى القطعيات والظنيات، فناسب
تفسير العلم الذى حدث منه الاشتقاق فى لفظ معلوم بمطلق الإدراك الشامل للظن واليقين لا العلم بالمعنى الأخص وهو الإدراك الجازم. . . إلخ.
19 - وتختلف معانى المصطلح الواحد بين العلوم المختلفة وهذا لا إشكال
فيه فكلمة الموضوع فى علم الحديث تعني القول المكذوب المنسوب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حين تعنى فى المنطق مثلاً ما عليه الحمل: المبتداً والفاعل فى الجملة العربية.
20 - ومن الملاحظ أيضاً أنه قد تتم عملية (تدليس) باستعمال الألفاظ التى
بإزاء معان معينة فى علم من العلوم أو فن من الفنون فى الحياة العرفية العامة فيتبادر ذهن السامع أو القارئ إلى معناها عنده، ويقصد الكاتب عن قصد أو عدم قصد معنى آخر غير ما يتبادر إلى الذهن.
مثال ذلك العلم فى عرف المسلمين يطلق على ما سبق من الإدراك الجازم
الثابت. . . . إلخ. فيشمل علوم العقل والنقل والحس فى حين يستخدمها بعض الكاتبين فى الصحافة بمعنى العلم التجربيى القائم على المشاهدة والحس وهذا وإن كان جزءا من المعنى الشائع عند أهل العرف العام إلا أن مقولة إن قضية الألوهية قضية غير علمية أي خارج قياس الحس ومشاهدته تسبب لبساً كبيراً (قد يكون مقصودا) حيث يتبادر إلى الذهن من مردود كلمة غير علمية عداء بين العلم الذى ما زال يعنى اليقين عند عامة الناس ويعنى مضادته للجهل والعلم فى عقول الناس وبين تلك القضية ومقابل العلم الجهل فهى قضية لابد أن تنحى.
وهنا فإن عبارة لا مشاحة فى اصطلاح قد فقدت شرطها وهى أن تستعمل
المصطحات بين أهل الفن الواحد العارفين بمعانيها لا بين أهل فن معين وأهل
العرف العام أو بين أهل فن معين وفن آخر.
21 - وهذا المبحث يعالجه علم الوضع بتوسع وقد كثرت التآليف فيه.
22 - كما أنه يحسن أن نحلل الألفاظ إلى معانيها حتى نكون على بينة من
الاستعمالات الحقيقية والمجازية لللفظة.
فالحقيقة هى استعمال اللفظ فيما وضع له أولاً فى اصطلاح التخاطب
والمجاز هو استعمال اللفظ فى غير ما وضع له فى اصطلاح التخاطب.
فإن الأسد إذا أريد منه الحيوان المفترس كان هذا حقيقة لأنه وضع فى اللغة