ولذا نبه علماء الإسلام إلى أن من المصطلحات ما لا يذكر إلا وسط الجماعة
العلمية.
14 - هذا الفصل بين قاعة البحث أو الجماعة العلمية وبين عموم الناس
وعوامهم كان فى العصور السابقة منضبطاً، ولكن بعد تطور وسائل المواصلات الشديد وظهور الطباعة أصبح صوت الدارسين داخل قاعات البحث مسموعاً عند عموم الناس وزال الحاجز الذى بينهما، فألقى هذا عبثاً جديداً على الواضع حيث ينبغى أن يراعى فى عملية الوضع ثقافة الأمة وإطارها المرجعى، فلم تعد المسألة
قاصرة على الجماعة العلمية بل أصبحت تلك المفاهيم شائعة وسط عموم الناس، بل تدهور الحال وأعطى للعموم حق وشرعية الوضع، وأصبح للمصطلح عشرات بل مئات التعريفات، فوصلنا إلى رطانة غير مفهومة بين الباحثين، فكرَّ هذا على جواز الاختلاف بالبطلان وأصبح الذى معه الحق ويؤيده العلم وما ينبغى أن يكون عليه الأمر هو من دعاء إلى قيم دينه وثقافته ومن خرج عن هذا الاطار إثما هو
تلاعب بالعلم مضر بالحياة الثقافية ومفسد لها.
ولقد تدهور الحال أكثر عندما خرج جماعة من المثقفين بدعوى أن يكون
لكل واحد قاموسه الخاص به ومصطحاته التى يجب أن نفهم كلامه من خلالها
فوصل الحال إلى قطع الصلة بين الباحثين وغدا الأمر مضحكاً بشكل محير.
15 - وهنا تبرز مشكلة علاقة الوحى، وهو مقوم ومعيار مع تلك المفاهيم
الشائعة، ومخالفة هذه المفاهيم للوحى ينشأ منه أن يكون رفضنا لها هو موقف واع لا عن تجاهل، كما أن مشكلة علاقة التراث وكيف اختلف مفهوم ذلك المصطلح عما كان عليه عند السلف ينشأ عنه خرف على ثقافتنا من الناقض من ناحية وحذر من أثر ذلك التغير فى تهميش الإطار المرجعى واختلال السلوك المنبثق عن العقيدة من ناحية ثانية، ومحاولة للفرار من التبعية الفكرية للغير من ناحية أخرى.
وتبرز أيضاٌ مشكلة علاقة العرف وتأثيره وتأثره (فى دائرة متصلة) بتلك
المفاهيم وما يترتب على ذلك من تغير فى المنظومة الاجتماعية والنسق العرفى
العام.
16 - قال الف سمرفلت فى مطلع مقاله "الاتجاهات الحديثة فى علم اللغة"
الذى نشره فى مجلة ديوجين عدد رقم 1 ص 64 - 70 "إن أهمية اللغة لفهم