المغنومة من الكفار، مع أن ظاهر القرآن يدل على أن أربعة أخماسها للغانمين، لعموم قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال / 41]. أي والأخماس الأربعة الباقية للغانمين.

ولم يفعل عمر ذلك بل لم يقسم الأرض المغنومة على الغانمين، وإنما تركها لينتفع بها جميع المسلمين في المستقبل؛ لأنها لو قسمت لم يبق خراج يكفي الجيوش لحماية بلاد المسلمين. ولذا صح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: "لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر"، وفي لفظ في "الصحيح" عن عمر رضي الله عنه: "والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر المسلمين ليس لهم شيء ما فتحت عليَّ قرية إلا قسمتها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها"، ليس معناه أن عمر رضي الله عنه خصَّصَ عمومَ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... } الآية بمصلحةٍ مرسلة كما يظنه بعض المتعلِّمين الذين لم يمارسوا الكتاب والسنة؛ لأن كلام عمر - رضي الله عنه - صريح في أنه يرى أن الإمام مخيَّر بين قسم الأرض المغنومة على الغانمين، وبين استبقائها لانتفاع جميع المسلمين؛ لأن ذلك مفهوم من فعله - صلى الله عليه وسلم -، وقد حضره عمر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم الأرض المغنومة تارة وترك قسمتها أخرى، فدل ذلك على جواز كلا الأمرين، فقد قسم بعض أرض خيبر وترك بعضها، وقسم أرض قريظة، ولم يقسم أرض مكة.

فإن قيل: أرض خيبر أُخِذ بعضها عنوة وهو الذي قسم، وبعضها أخذ ولم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهو الذي لم يقسم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015