به تتضمن إحدى المصالح الثلاثة المذكورة فهو المعروف عند الأصوليين بالوصف المناسب، كإناطة تحريم الخمر بالإسكار، فإنها تتضمن مصلحة حِفْظ العقل، ودرء المفسدة عن العقل من الضروريات، كما هو معلوم.
وإن كانت إناطة الحكم به لا تتضمَّنُ مصلحة أصلًا لا بالذات ولا بالتبع، فهو المعروف في الاصطلاح بالوصف الطَّرْدي، ولا يصح التعليل به إجماعًا.
واعلم أن الوصفَ الطَّرْدي الذي لا مناسبة فيه ولا تتضمن إناطةُ الحكمِ به مصلحة أصلًا ينقسم إلى قسمين:
1 - أحدهما: أن يكون طرديًّا في جميع أحكام الشرع كالطول والقصر، فإنك لا تجد حكمًا من أحكام الشرع معلَّلًا بالطول أو القِصَر؛ لأن إناطة الحكم بذلك خالية من المصلحة أصلًا.
2 - الثاني منها: أن يكون الوصف طرديًّا في بعض الأحكام دون بعض كالذكورة والأنوثة بالنسبة إلى العتق، فإن أحكام العتق لا ترى شيئًا منها يناط بخصوص الذكورة أو الأنوثة، فهما طرديان بالنسبة إلى العتق، مع أن الذكورة والأنوثة غير طرديين في أحكام أخرى غير العتق كالميراث، لقوله تعالى: {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} [النساء / 176] وكالشهادة لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة / 282] إلى غير ذلك من الأحكام التي تعتبر فيها الذكورة والأنوثة غير العتق.