في عمومه وإطلاقه، لا خاصة ولا نسبية ... فهي التي يشهد لها الشرع الذي جاء لتحقيق مصالح جميع العباد، ومراعاة جميع الوجوه، لأن الشرع لا يقر مصلحة تتضمن مفسدة مساوية لها أو راجحة عليها ظهر أمرها أو خفي على باحثها، لأن الشارع حكيم عليم ...
كما أن المصلحة الشرعية تراعي أمر الدنيا والآخرة معاً، فلا تعتبر مصلحة دنيوية إذا كانت تستوجب عقوبة أخروية ...
وفي هذا يكمن الفرق الأساسي بين المصلحة عند القانونيين الذين يقولون: حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله. وبين الأصوليين الشرعيين الذين يصدق على منهجهم أنه حيثما وجد الشرع فثم مصلحة العباد.
فإذا لم يوجد نص للشرع اجتهد العالم في النازلة ليرى هل هي محققة لمصلحة مما جاء الشرع لتحقيقها في العقيدة أو النفس أو المال أو العرض أو النسب ... وأنها خالية من مفسدة تضر ببعض هذه الضرورات أم لا ...
وقد وضعت في ذلك الكتب المستقلة.
وإنه ما من مؤلف في أصول الفقه إلا وفيه بحث مستقل للمصلحة.
والقارئ الكريم في حاجة إلى خلاصة موجزة، وفكرة ناضجة من عالم محقق وإمام مدقق، هضم الفن واستوعبه، يُطمئن إليه، ويُركن إلى قوله. وهذا ما منحه الله تعالى لمؤلف هذه الرسالة فضيلة والدنا وشيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -، وقد استقل بتدريس أصول الفقه منذ مجيئه إلى المملكة حوالي الثلاثين سنة تقريباً، وله فيه المؤلفات والمباحث والمذكرات الدراسية الجامعية، حتى كان إماما فذا، ومرجعاً معتمداً، وأستاذا لهذه النهضة العلمية كلها التي تشهدها المملكة في أصول الفقه ...
ولكي يعرفه من لم يلقه، فإني أقدم موجزاً عن حياته - رحمه الله - إسعافاً للقارئ وتقديماً للرسالة: