مرافق الحياة وتعددت صورها، فرأى العلماء الأعلام وأئمة الهدى أن القرآن بحر زاخر، ومحيط متلاطم، وليس كل ذي حاجة يقدر على تحصيلها منه ولا كل ذي علم يحيط بما فيه.. وكذلك السنة المطهرة، والتي قال فيها صلى الله عليه وسلم: "ألا وإنني أوتيت القرآن ومثله معه" - أي السنة - وإنها الوحي الثاني: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ... وهما مصدر التشريع بوحي الله..

فوضعوا أصول الفقه التي عليها مبنى الاجتهاد في استنباط

الأحكام من أدلتها، فوضعوا مباحث القرآن من عام وخاص، ومطلق ومقيد، وناسخ ومنسوخ، وغير ذلك..

وكذلك السنة: بينوا طرق إثباتها ومراتب صحتها وحال رواتها والجمع بين مختلفها وغير ذلك أيضاً..

ثم الإجماع ووقوعه وطرقه وأقسامه ومنزلته عند التعارض والترجيح. ثم القياس بأقسامه، وبأركانه وشروطه ومواطنه، بأصوله وفروعه..

وهنالك أصول أربعة أخرى محل اجتهاد الأصوليين، وهي مما تمس الحاجة إليها وهي:

1ـ شرع من قبلنا.

2ـ قول الصحابي إذا لم يوجد له مخالف من الصحابة.

3ـ استصحاب الأصل، أو البراءة الأصلية.

4ـ المصالح المرسلة، أو الاستصلاح، وهو موضوع هذه المحاضرة التي نقدم لها. وهي في الحقيقة أخطر هذه الأصول من حيث دقة البحث وسعة الجوانب وشدة الحاجة المتجددة.

ومكمن الخطر في ادعاء المصلحة لأنه ادعاء عام، وكل يدعيه لبحثه فيما يذهب إليه ... ولن يذهب مجتهد فقط إلى حكم في مسألة لا نص فيها إلا وادعى أنه ذهب لتحقيق المصلحة..

ولكن، أي المصالح يعنون..إن المصلحة الإنسانية الخاصة أمر نسبي، وكل يدعيها فيما يذهب إليه ... ومن هنا كان الخطر..

ولكن حقيقة المصلحة هي المصلحة الشرعية التي تتمشى مع منهج الشرع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015