صحة الحديث منه إذا كان يخفى ذلك عليَّ، فربما تركت الحديث إذا لم أفهمه، وربما كتبته، وتبينته، أو لم أقف عليه، وربما أتوقف على مثل هذه لأنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث، لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا، وعدد كتبي هذه السنن ثمانية عشر جزءاً مع المراسيل، منها جزء واحدٌ مراسيل، وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من المراسيل منها ما لا يصح، ومنها ما هو مسندٌ عند غيره، وهو متصل صحيح، ولعل عدد الذي في كتبي من الأحاديث قدر أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ونحو ستمائة حديث من المراسيل، فمن أحب أن يميز هذه الأحاديث مع الألفاظ فربما يجيء الحديث من طريق وهو عند العامة من حديث الأئمة الذين هم مشهورون، غير أنه ربما طلب اللفظة التي يكون لها معاني كثيرة وممن عرفت نقل من جمع هذه الكتب، فربما يجيء من طريق الإسناد فيعلم من حديث غيره أنه متصل، ولا يتبينه السامع إلا بأن يعلم الأحاديث ويكون له غير معرفة فيقف عليه مثل ما يروي عن ابن جريج، قال: أخبرني عن الزهري، ويرويه البرساني، عن ابن جريج، عن الزهري، فالذي يسمع أنه متصل ولا يصح بينهم، فإنما تركناه كذلك هو لأن أصل الحديث غير متصل ولا يصح، وهو حديث معلول، مثل هذا كثير، والذي لا يعلم، يقول: قد ترك حديثاً صحيحاً في هذا وجاء بحديث معلول، وإنما لم أضف في كتاب السنن إلا الأحكام، ولم أضف كتب الزهد، وفضائل الأعمال، وغيرها، فهذا الأربعة ألف حديث، والثمانمائة كلها في الأحكام، فإنما أحاديث كثيرة صحاح في الزهد والفضائل وغيرها في غير هذا لم أخرجه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.
قال لنا أبو عبد الله الصوري: سمعت إسناد هذه الرسالة، وأسطراً منها من لفظ أبي الحسين بن جميع، ثم قرأها عليه أبو الموفق محمد بن محمد النسيابوري وأنا أسمع، وذلك بصيدا في داره سنة أربعمائة.
مجلس الصوري رحمه الله
5- حدثنا أبو عبد الله الصوري الحافظ إملاءً،أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن النحاس، بمصر، نا أبو أحمد محمد بن إبراهيم بن حفص بن الوصني،سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، نا يونس بن عبد الأعلى، ابن وهب، حدثني عمر بن محمد، أن سالم بن عبد الله بن عمر، حدثه عن عبد الله بن عمر، قال: ما سمعت عمر بن الخطاب، يقول لشيء قط، إن لأظن بكذا وكذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالسٌ إذ مر رجل ٌ جميلً، فقال له: لقد أخطأ ظني، وإن هذا الرجل على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم في الجاهلية، على الرجل، فدعي له، فقال له عمر: لقد أخطأ ظني، وإنك على دينك في الجاهلية، أو لقد كنت كاهنهم، قال: ما رأيت كاليوم، استقبل به رجلٌ مسلمٌ، فقال عمر: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فماذا أعجب ما جاءتك به جنيتك؟ قال: بينا أنا يوماً في السوق لقيني أعرف منهم الفزع، قالت: ألم تر إلى الجن وإيلاسها، وإياسها من