ريشها واستعداداتها المستقبلية لمواجهة الولايات المتحدة، وقد يطرح منظورها نمطاً مشابهاً للحالة الألمانية في الدول العربية، ويروجون لبضاعتهم تلك برغبة الولايات المتحدة في أن تبدل بحالة الإحباط والقهر والذل والفقر السائدة في الدول العربية، والتي أفرزت تلك الجماعات والأحزاب الإسلامية "المتطرفة والإرهابية" - على حد الافتراض الأمريكي -والتي عجزت عن التغيير السلمي الهادئ في ظل الديكتاتوريات العربية، فلجأت إلى "العنف والإرهاب"،أن تبدل بها حالة رفاهية وحرية لا تنتج نماذج كهؤلاء التسعة عشر الذين دمروا برجي مركز التجارة والبنتاجون؛ بعد أن أنتجتهم فلسفة القمع العربية، فهم الآن يروجون لهذه الأطروحة من خلال مبادرة (الشراكة من أجل الديمقراطية والتنمية)،ومن خلال العديد من توصيات المعاهد البحثية الأمريكية، وعشرات المقالات في كبريات الصحف الأمريكية، وتصريحات مفكري السياسة الأمريكية (?).
إنّ الشرق الأوسط الكبير الذي تريد أميركا أن تشكله سياسياً هو عبارة عن فسيفساء طوائف ومذاهب وإثنيات بحيث يتاح لها التعبير عن خصوصياتها ومشاركتها في الحياة السياسية تأكيداً لفئويتها من جهة، ولتبعيتها الشديدة للمرجعية الأميركية الحاضنة من جهة أخرى. وهكذا، في ظل هذا المشروع، تنتهي الدولة المركزية التقليدية لتحل محلها الدولة الفدرالية التي هي عبارة عن اتحاد بين مجموعة طوائف أو مذاهب أو إثنيات عرقية. وعند ذلك تظهر في الشرق الأوسط الكبير سلسلة لا تنتهي من الفدراليات السياسية بحيث تختفي معها الهوية الوطنية والقومية وتُلغى الأمة كوحدة انتماء للجماعة البشرية الواحدة.
أما عن بناء مجتمع معرفي- كما يزعمون-:فمن المفيد ذكره في هذا المجال، أنّ الولايات المتحدة كانت الممانع الأكبر في سبيل امتلاك بلدان الشرق الأوسط، باستثناء إسرائيل، معرفة علمية متطورة، لا سيما منها تلك التي يمكن تحويلها إلى معرفة إنتاج.