عَلَى الْمُكْرِهِ وَحْدَهُ، لِأَنَّ الْمُكْرَهَ صَارَ كَالْآلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ عَنْ زُفَرَ كَالْأَوَّلِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَلَيْسَ هُوَ كَالْآلَةِ، لِأَنَّهُ آثِمٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَخَرَّجَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجْهًا لَنَا مِنَ الرِّوَايَةِ لَا تُوجِبُ فِيهَا قَتْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ، وَأَوْلَى. وَلَوْ أُكْرِهَ بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ عَلَى إِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ الْمَعْصُومِ، فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا. فَإِنْ قُلْنَا: يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ، فَضَمِنَهُ الْمَالِكُ، رَجَعَ بِمَا ضَمِنَهُ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا مَعًا كَالْقَوَدِ. وَقِيلَ: عَلَى الْمُبَاشِرِ الْمُكْرَهِ وَحْدَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ." (?)
وقد جاء في نص الفتوى الموقع عليها من الأفاضل المذكورين: (ولكن الحرج الذي يصيب العسكريين المسلمين في مقاتلة المسلمين الآخرين، مصدره أن القتال يصعب ـ أو يستحيل ـ التمييز فيه بين الجناة الحقيقيين المستهدفين به، وبين الأبرياء الذين لا ذنب لهم في ما حدث، وأن الحديث النبوي الصحيح يقول «إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَهُمَا فِي النَّارِ».قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ صَاحِبَهُ» (رواه البخاري ومسلم).