ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) , فقد قال ابن جرير في تفسير هذه الآية (القول في تأويل قوله عز وجل: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ليس عليك يا محمد هدى المشركين إلى الإسلام، فتمنعهم صدقة التطوع، ولا تعطيهم منها ليدخلوا في الإسلام حاجة منهم إليها، ولكن الله هو يهدي من يشاء من خلقه إلى الإسلام فيوفقهم له، فلا تمنعهم الصدقة
انتهى).
من فضائل حسن الخلق:
الامتثال لأمر الله، وطاعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، والاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو عبادة عظيمة، ورفعة للدرجات، وأعظم ما يُدخل الجنة، ويورث كسب القلوب، وتيسير الأمور، ومدعاة للذكر الحسن، والسلامة من شر الخلق لأن صاحب الخُلق الحسن لا يقابل الإساءة بالإساءة وإنما يقابلها بالصفح والعفو والإعراض وربما قابلها بالإحسان، والقرب من مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة، ومحبة الله، وأثقل شيء في الميزان يوم القيامة، وزيادة الأعمار وعمارة الديار، والتوصل للحق، وزيادة العلم، وحصول الخيرية، والوفاء بالحقوق الواجبة والمستحبة والإنصاف، وراحة البال وطيب العيش، وحصول الوئام والاتفاق التام في المجتمع، وبه يتمكن المرء من إصلاح ذات البين، ويستر العيوب , وغير ذلك.
أسباب حسن الخلق:
سلامة العقيدة، والدعاء، والمجاهدة، والمحاسبة ولكن لا يحسن المبالغة لأن ذلك قد يؤدي إلى انقباض النفس وانكماشها، والتفكر في الآثار المترتبة على حسن الخلق، والنظر في عواقب سوء الخلق، والحذر من اليأس من إصلاح النفس، وعلو الهمة، والصبر، والعفة، والشجاعة، والعدل , وتكلف البشر والطلاقة، والتغاضي والتغافل وما كان في حق النفس فلا خلاف فيه، والحلم، والإعراض عن الجاهلين، والترفع عن السباب إلا أن الاستهانة بالمسيء قد عُد من مستحسن الكبر، ونسيان الأذية، والعفو والصفح ومقابلة الإساءة بالإحسان، والسخاء، ونسيان المعروف والإحسان إلى الناس , والرضا بالقليل من الناس وترك مُطالبتهم بالمثل وذلك بأن تأخذ العفو من أخلاق الناس فتقبل أعذارهم وتتساهل وتترك الاستقصاء في البحث والتفتيش عن حقائق بواطنهم، وقبول النصح الهادف والنقد البناء، وقيام المرء بما يسند إليه من عمل على أتم وجه، والتسليم بالخطأ إذا وقع والحذر من تسويفه، ولزوم الرفق، ولزوم التواضع، واستعمال المداراة والمداراة تتأكد مع من لابد لك من معاشرته أو ممن يُتوقَع منه الأذى وهي في العادات مطلوبة ما لم تكن إثماً , ولزوم الصدق، وتجنب كثرة اللوم والتعنيف على من أساء، وتجنب الوقيعة، ومصاحبة الأخيار وأهل الأخلاق الفاضلة، والاختلاف إلى أهل الحلم والفضل وذوي المروءات، وأن ينتفع الإنسان بكل من خالطه وصاحبه، وتوطين النفس على الاعتدال, والمحافظة على الصلاة , والصيام , وقراءة القرآن بتدبر وتعقل , وتزكية النفس بالطاعة , ولزوم الحياء , وإفشاء السلام , وإدامة النظر في السيرة النبوية , والنظر في سير الصحابة الكرام , وقراءة سير أهل الفضل والحلم , وقراءة كتب الشمائل والكتب في الأخلاق , والاطلاع على الحكم المأثورة , ومعرفة الأمثال السائرة.
وهنا تنبيهان على ما تقدم التنبيه الأول وهو أنه قد يظن ظان أن العفو عن المسيء والإحسان إليه مع القدرة عليه موجب للذلة والمهانة وأنه قد يجر إلى تطاول السفهاء , وهذا خطأ لأن العفو والحلم لا يشبه بالذلة بحال فإن الذلة احتمال الأذى على وجه يذهب الكرامة أما الحلم فهو إغضاء الرجل