وهجرهما , وترك برهما ونصحهما إذا كانا متلبسين ببعض المعاصي , وغير ذلك.
أسباب العقوق:
من أسباب العقوق الجهل , وسوء التربية , والصحبة السيئة للأولاد , وعقوق الوالدين لوالديهم غالباً وليس هذا السبب على إطلاقه , والتفرقة بين الأولاد , وإيثار الراحة والدعة , وضيق العطن فلذلك قد تجد بعض الأبناء يأنف من أوامر والديه خصوصاً إذا كان الوالدين أو أحدهما فظاً غليظاً فتجد الولد يضيق بهما ذرعاً ولا يتسع أفقه لهما , وكذلك قلة الإعانة على البر من الوالدين , وسوء خلق الزوجة , وقلة الإحساس بمصاب الوالدين , وجماع ذلك ضعف الإيمان.
حكم بر الوالدين:
قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) وبهذا تعلم أخي القارىء أن الله تعالى افترض الإحسان إلى الأبوين وأن لا يُنتهروا وأن يُخفض لهما جناح الذل من الرحمة فيما ليس فيه معصية الله تعالى , وبر الولدين ومصاحبتهما في الدنيا بالمعروف واجب ما لم يكونا محاربين للدين وأهله ولو كانا كافرين فكيف إذا كانا مسلمين وعندهما بعض التقصير, والوالدان لهما أحكام واستثناءات خاصة , ومن ذلك أنه يُستثنى من هجر من يستحق الهجر الوالدين لعظم حقهما ما لم تُخش الفتنة في الدين على تفصيل في المسألة ليس هذا موضعه , والفتنة في الدين هي اتباعهم على دينهم , وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس الأب كالأجنبي , وإذا كان والد المسلم ذميين استعمل معهما ما أمره الله به من برهم إلا الترحم لهما بعد موتهما على الكفر, بل نص أهل العلم على أن المسلم يموت أبواه وهما كافران إنه يغسلهما ويتبعهما ويدفنهما لأن ذلك من الصحبة بالمعروف التي أمر الله بها , والواجب على الولد صلة والده وبره ومباسطته والصبر على ما يصدر منه , ومع ذلك كله فإنه ينبغي على الوالدين تجاه أبنائهم أن يعينونهم على برهم ولا يكلفوهم من البر فوق طاقتهم ولا يلحون عليهم وقت ضجرهم.
تفسير قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ):
أي إن حرصا الوالدين عليك أن تتابعهما على دينهما إذا كانا مشركين فإياك وإياهما فلا تطعهما في ذلك فإن مرجعكم إلى الله يوم القيامة فأجزيك بإحسانك إليهما وصبرك على دينك وأحشرك مع الصالحين لا في زمرة والديك وإن كنت أقرب الناس إليهما في الدنيا فإن المرء يُحشر يوم القيامة مع من أحب أي حباً دينياً , ولا يمنعك حرص الوالدين على متابعتهم في دينهم من أن تصحبهما في الدنيا معروفاً (أي مُحسناً إليهم) , وصاحبهما في الدنيا معروفاً أي صحبة إحسان إليهما بالمعروف وأما اتباعهما وهما بحالة الكفر والمعاصي فلا تتبعهما.
بر الوالدين مما أجمع على وجوبه علماء المسلمين، قال أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله ـ في مراتب الإجماع: واتفقوا أن بر الوالدين فرض. انتهى.
ولم يفرق أحد من العلماء بين الوالد العدل والفاسق والكافر في أصل وجوب البر، بل نص كثير