يقصر عن غيه وسفهه، ومن الأخطاء الحديث بما لا يُناسب المقام وينبغي الكلام مع كل أحد بما يليق بحاله ومقامه فمع الملوك مثلاًً والرؤساء بالاحترام والكلام اللطيف اللين المناسب لمقامهم، ومن الأخطاء الحديث عند من لا يرغب فلا تكلف غيرك الاستماع إليك وإذا رأيت من الناس فتوراً وإعراضاً عنك فأمسك الحديث ويُستثنى من ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، ومن الأخطاء تكرار الحديث ويُستثنى من ذلك الحاجة إلى التكرار لزيادة الفائدة ولم يكن مُوصلاً إلى حد الملال فلا بأس به، ومن الأخطاء التعالي على السامعين، وترك الإصغاء للمتحدثين، والاستخفاف بحديث المتحدث حتى لو أخطأ فإن الكرام يتغاضون عن خطأ المتحدث ويتعامون عن زلته وإذا ما كان الخطأ كبيراً فإنهم يبينون الخطأ ويُرشدون إلى الصواب بأجمل عبارة وألطف إشارة، ومن الأخطاء المبادرة إلى إكمال الحديث عن المتحدث، والقيام عن المتحدث قبل أن يكمل حديثه، والمبادرة إلى تكذيب المتحدث، والتقصير في محادثة الصغار، والوقيعة بين الناس، والتسرَع في نشر الأخبار قبل التثبَت منها ومن جدوى نشرها، والكذب، وسماع كلام الناس بعضهم ببعض وقبول ذلك دون تمحيص أو تثبت، ورفع الصوت إلا لحاجة، والغلظة في الخطاب لأن الأصل في خطاب الناس مؤمنهم وكافرهم اللين وإذا كان لين الكلام يجمل مع كل أحد فلأن يجمل مع من له حق أو جاه أو رياسة من باب أولى فمخاطبة هؤلاء باللين أمر مطلوب شرعاً وعقلاً وفطرة ولكن قد يعدل المسلم أحياناً عن هذا الأسلوب حسب ما تقتضيه الحكمة ومقامات الأحوال، ومن الأخطاء الكلام القبيح وهو منهيٌ عنه حتى للكفار إلا في حدود ضيقه , ومن الأخطاء الشدة في العتاب فالعاقل اللبيب لا يُعاتب إخوانه عند كل صغيرة وكبيرة بل يلتمس لهم المعاذير ويحملهم على أحسن المحامل وإن كان هناك ما يستوجب العتاب عاتبهم عتاباً ليناً رقيقاً وما أحسن المرء أن يتغاضى عن ذنوب أصحابه أما إذا كان الخطأ عن زهد في الصحبة فلك أن تزهد به, ومن الأخطاء أيضاً حب المعارضة والمخالفة بلا موجب لأن المروءة تقتضي موافقة المرء إخوانه إذا أصابوا وتسديدهم برفق إذا أخطأوا وأن يتوقف إذا لم يتبين له الصواب من الخطأ , وينبغي للمرء أن يُساير جلساءه إلا أن ينحرفوا عن الرشد ويتحامى ما يُؤلمهم إلا أن يتألموا من صوت الحق.
ومن الأخطاء أيضاً بذاءة اللسان والتفحش في القول وينبغي أن يستعمل في ذلك الكنايات ويعبر عنها بعبارة جميلة يُفهم بها الغرض ما لم تدع حاجة إلى التصريح بصريح الاسم فلا بأس بذلك بل هو المتعين، ومن الأخطاء التقعر في الكلام والمقصود أن لا يُغرق في التكلف فيتعدى حدود الذوق أما حسن المنطق وجمال العبارة ورشاقة الألفاظ فمحمود مرغوب فيها خصوصاً إذا كان في بيان الحق وبالجملة فليحرص المرء على تجنب السوقي القريب ووحشي اللغة حتى يكون كلامه حالاً بين حالين والأعمال بالنيات فلا ينبغي التكلف وخاصة الإغراق في القول وتحري وحشي اللغة في حال مخاطبة العوام، ومن الأخطاء الخوض فيما لا طائل تحته، وكثرة التلاوم، وكثرة الشكوى إلى الناس، وكثرة الحديث عن النساء وليس المقصود هنا ما يدور في مجال الخنا والفسق والفجور من تشبيب ومجون إنما المقصود الكلام البريء عنهن كالتفاخر بالتعدد ونحو ذلك ووصف محاسنهن , وليس المقصود من هذا أيضاً أن يُمنع الحديث عن النساء بإطلاق ولكن المقصود أن يكون بكثرة، ومن الأخطاء كثرة الهزل بل ينبغي التوسط لأن الانقباض عن الناس مكسبه للعداوة والإفراط في الأنس مكسبه لقرناء السوء، وينبغي أن يكون المزاح كالملح في الطعام، ومن الأخطاء كثرة الحلف وأما ما كان لحاجة فلا بأس به , ومن الأخطاء التتبع لعثرات الجليس لأن المروءة تقتضي أن يتعامى المرء عن عيوب جليسه وأن يتغاضى عما يصدر منه من خطل أو زلل ليحفظ على جليسه