أية علاقة تربط بين الأصنام وبين الملائكة؟ وهل من مسوغ هنا أو في أية مناسبة لاستعراض الفروق التي تميّز بين الحجارة والملائكة، وللتزييف الدينيّ الذي تمثله الأولى والحقيقة الغيبيّة المؤكّدة التي تمثلها الثانية؟ ..

للعصيان الذي تمثله الأولى، وللطاعة والتسليم والإذعان الذي تمثله الثانية؟

ألا يجوز أن يكون (وات) قد طرح هذا التقابل غير المنطقي للتشكيك بجدية الموقف العقيدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتمرير هذه الواقعة المزيّفة في الوقت نفسه؟

وفي ختام مقولته يطرح (وات) معميات وتناقضات أخرى؛ فيشير إلى أن القرآن يتحدث عن تلك المخلوقات الإلهية (الأصنام) في الفترة المكية الأخيرة باسم (الجنّ) !! وإن كان يتحدث عنها في الفترة المدنية على أنها مجرّد أسماء.

أيتأخر- إذن- رفض الصنميّة وتجريدها من الفاعلية حتى نهاية العصر المكّي، بل حتى العصر المدني؟ فلم كان إذن ذلك الصراع الذي لا هوادة فيه بين المسلمين والزعامة الوثنية؟ ولم كانت قولة محمد المبكرة التي لم يشأ (وات) أن يشير إليها أو يعترف بها: «والله يا عمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة!» ، وما هو (الأمر) إن لم يكن التوحيد المطلق، والرفض المطلق للوثنية بكل صيغها وأشكالها؟ وكيف تفوت على (وات) هذه الحقائق جميعا؛ بحيث إنه يختتم مقولته بهذه الكلمات القاطعة «أن الحادثة لا تدلّ على أي تقهقر واع للتوحيد، بل هي تعبير عن النظريات التي دافع عنها دائما محمد» !

ولا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى مزيد من نقاش وقد بلغ هذا الحدّ من التبعثر والفجاجة..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015