4

إن مناقشة أيّ من المستشرقين الذين تناولوا السيرة، على مستوى التفاصيل والجزئيات التاريخيّة والعقديّة، لا تغني شيئا، لأنها ستكون بمثابة نقد موقوت يتحرّك على السطح، ويستهلك نفسه في الجزئيات؛ دون أن يبحث عن الجذور العميقة التي تظلّ تنبت الشوك والحسك.

والجذور العميقة هي المنهج الخاطئ الذي تقوم عليه أبحاث هؤلاء المستشرقين فإذا استطعنا أن نضع أيدينا على عيوب المنهج وشروخه استطعنا معرفة المنبع الذي يتمخّض عنه تيّار الأخطاء الموضوعيّة، وخلخلة الأسس التي آتت هذه الثمار المرّة واقتلاعها.. لكي تنظّف الأرضيّة ويمهد الطريق.. ويحين اليوم الذي تعالج فيه السيرة وفق منهج عدل يعرف كيف يتعامل مع سيرة نبيّ ليست كالسّير يقينا..

5

هنالك ملاحظة جديرة بالالتفات، بالرغم أنها على قدر كبير جدا من الوضوح، لكن الوضح الشديد قد يؤدّي إلى الخفاء كما يقول المثل المعروف..

إنّ بحث المستشرقين- بصفة عامة- في السيرة لا يحمل عناصر اكتماله منذ البداية، بل إنه ليشبه الاستحالة الحسابيّة المعروفة بجمع خمس برتقالات مثلا- مع ثلاثة أقلام.. إذ لا يمكن أن يكون الحاصل ثمانية.. إن هنالك خلافا نوعيا لا يمكّن الأرقام من أن تتجمع لكي تشكّل مقدارا موحدا..

إنّ المستشرقين- بعامة- يريدون أن يدرسوا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وفق حالتين تجعلان من المستحيل تحقيق فهم صحيح لنسيج السيرة ونتائجها وأهدافها التي تحرّكت صوبها والغاية الأساسية التي تمحورت حولها..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015