محمد في مكة (2)

1

2- إسقاط الرؤية العقليّة المعاصرة على السيرة

1

هنا يكاد المستشرقون أن يلتقوا جميعا.. إن هذا الخلل المنهجي الذي هو أشبه بالحتميّة التي لافكاك منها للبحث الغربي، هو القاسم المشترك الأعظم لجل الأبحاث والدراسات التي قدّموها عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن مواضعات العقل الغربي ورواسبه الدينيّة جنبا إلى جنب مع نزوعه العلماني ومسلماته المادّية، ورؤيته الوضعيّة، وانحساره على المنظور وانكماشه على المحسوس وردّة فعله تجاه كل ما هو روحيّ أو غيبيّ، واعتقاده الخاطئ بأنّ تجاوز الواقع إلى ما وراءه سقوط في مظنة الخيال والمثالية والخرافة واللاعلمية.

بل إن غرور العقل الغربيّ، وانتفاخه المتورّم، واعتقاده القدرة على فهم كل شيء، وتحليل كل معضلة في دائرة ما يصطلح عليه بالعلوم الإنسانية ومنها التاريخ.

هذه كلها تفعل فعلها في حقل الدراسة الاستشراقية في السيرة، وتمسك بتلابيب الباحث فلا يستطيع منها فكاكا.

هذا إلى ما تفرضه مكونات البيئة النسبية في الزمان والمكان من مؤشرات قد تصلح لهذا القرن، ولكنها لا تصلح البتة لقرن مضى أو واقعة تاريخية سبق وأن تخلقت في بيئة أخرى.. في مكان غير المكان، وزمان غير الزمان.. وهي مؤشرات قد تكون كذلك خاطئة أو مضلّلة لكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015