الصحيحة المؤكّدة في السيرة) تفسير قول محمد: (ما أقرأ؟) في ردّه على قول الملك: (اقرأ) : (لا أستطيع القراءة) أو (التلاوة) ، يتضح لنا ذلك من وجود رواية تقول: (ما أنا بقارئ) ، وفي التمييز عند ابن هشام (ما أقرأ) ؛ و (ماذا أقرأ) حيث التعبير الثاني لا يمكن أن يعني إلّا: (ماذا أتلو) ؟ وهذا هو المعنى الطبيعي لقوله (ما أقرأ؟) ، ويبدو من المؤكّد تقريبا (لاحظ كلمة:
من المؤكد) أنّ المفسرين التقليديّين اللاحقين تجنبوا المعنى الطبيعي لهذه الكلمات ليجدوا أساسا للعقيدة التي تريد أن محمدا لم يكن يعرف الكتابة، وهذا عنصر رئيسي للتدليل على طبيعة القرآن المعجزة، ومحتوى رواية ابن شداد في تفسير الطبري، يفترض إذا كان النص صحيحا، إن (ما) بمعنى (ماذا) لأنها مسبوقة بالواو» (?) .
5
ومن قبيل (الافتراضات) التي يزرعها (وات) في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويلح عليها وكأنها جزء أساسي من حقائق السيرة، أو هكذا يتوهم ويريد أن يجر القارئ المسلم معه إلى دائرة الوهم، تلك المقولة الظنيّة التي رددها الجاهليون أنفسهم من قبل؛ وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتلقى (العلم) عن رجال من أهل الكتاب!! أو أنه- على الأقل- تأثّر بهم وتعلّم منهم.
(لا شكّ) بهذا التعبير المناقض لشكّية (وات) يطرح الرجل واحدة من مقولاته، أو افتراضاته، في الدائرة التي نحن بصددها: «لا شك أن خديجة قد وقعت تحت تأثيره (أي: ورقة بن نوفل الذي اعتنق المسيحية أخيرا) ، ويمكن أن يكون محمد قد أخذ شيئا من حماسه وآرائه» (?) .