الشخصية، بل لأن الاعتراف بالهتهم يؤدي إلى فشل قضيته والمهمة التي تلقّاها من الله، ولا شك أنّ الوحي قد نبّهه إلى ذلك، كما أنه من الممكن أن يكون قد شعر بخطئه بهذا الصدد قبل نزول الوحي..» (?) .
ويخلص (وات) إلى تركيز المسألة بالشكل التالي: «ولا شكّ أن محمدا قد نال نجاحا أمام زعماء قريش ليهتموا بأمره، فظهرت المحاولات لحمله على الاعتراف بصورة أو أخرى بالعبادة في المعابد المجاورة، وكان في أول الأمر مستعدا لذلك بسبب المنافع المادية (!!) ، ولأنه كان يشعر أنّ ذلك يساعده على تحقيق مهمته بسهولة، ثم أدراك شيئا فشيئا عن طريق النصح الإلهي أنّ ذلك كان تسوية مميتة، فأعدّ مشروعا لتحسين وسائله بالمحافظة على الحقيقة كما تظهر له، فأعلن رفض الشرك بألفاظ شديدة تغلق الباب في وجه كل تسوية» (?) .
إن هذه الواقعة المدخولة (التي تسمى أيضا بحديث الغرانيق) والتي يفترض (وات) أنها أكيدة، تحمل عناصر تناقضها واضطرابها وتهافتها.
إنها تعني: أن محمدا صلى الله عليه وسلم يمكن أن يخطئ، أو يتقبّل الخطأ، ولكن في ماذا؟ في أشد الأمور في دعوته وضوحا، وصرامة وجدّية، واستعصاء على الغموض، أو الخطأ أو التنازل أو المساومة: التوحيد المطلق لله، ورفض الوثنية رفضا جازما قاطعا لا يقبل مهادنة أو اعترافا..
إن (وات) نفسه يؤكد هذا المعنى، ولكن في تسويغ النسخ الذي تعرض له الموقف وليس في نفي الواقعة نفسها أو التشكيك فيها كما كان يجب أن يكون، ولا سيما بالنسبة لرجل يتميّز بالمهارة في النفي والتشكيك بالاستناد إلى ما يمكن اعتباره أدلة مقارنة أو مقنعة!!