بين مكة والمدينة ... ما تعنيه إذن الآيات الإبليسية أن الاحتفالات مقبولة في المعابد الثلاثة حول مكة، وأما معنى الآيات التي تقول بأن العبادة في هذه المعابد غير مقبولة فهي لا تحرم العبادة في الكعبة» .
«ويجب أن نعترف بأن الآيات التي صححت سورة النجم تمجّد الكعبة على حساب المعابد الآخرى، إلّا إذا افترضنا وجود آيات أخرى كانت تحرم ذلك، ثم رفعت فيما بعد من القرآن، ولكن ليس لدينا أي سبب يمكن الأخذ به، ومن المهم أن نتذكّر بهذا الصدد أن هذه المعابد قد هدمت عند صعود نجم محمد..» .
«وهكذا فإنّ قيمة الآيات الإبليسية مهمّة، فهل اعترف محمد بصحّتها لأنه كان يهم كسب الأنصار في المدينة والطائف وبين القبائل المجاورة؟
هل كان يحاول التخفيف من تأثير الزعماء القرشيين المعارضين له باكتساب عدد كبير من الأتباع؟ ذكر هذه المعابد دليل على أن نظرته أخذت في الاتساع (!!) » .
ويمضي (وات) إلى القول: «إن نسخ الآيات (الإبليسية) مرتبط بفشل التسوية (بين محمد وزعماء قريش) ، ولا شيء يسمح لنا بالاعتقاد أن محمدا قد استسلم لخداع المكيّين، ولكنه انتهى به الأمر إلى إدراك أن الاعتراف ببنات الله (كما كانت تسمى الآلهة الثلاثة وغيرها) يعني إنزال الله إلى مستواها. وعبادة الله في الكعبة لم تكن في الظاهر تختلف عن عبادته في نخلة والطائف وقديد. وهذا يعني أن محمدا لم يكن يختلف كثيرا عن كهّانهم، وأنه لم يكن يرى نفسه مدعوا لأنّ يكون تأثيره أعظم من تأثيرهم، ينتج عن ذلك: أن الإصلاح الذي عمل له من كل قلبه لن يتحقّق.
«وهكذا لم يرفض محمد عروض المكيّين لأسباب زمنيّة، بل لسبب دينيّ حقيقي؛ ليس لأنه لم يثق بهم مثلا، أو لأنه لم يبق شيء من مطامحه