وهذا مبشر قديم يحاضر في الشريعة الإسلامية بجامعة لندن، لا يبدي احتراما يذكر لذكاء القارئ، ويعلن في مقدمة مقال له: أنه يقدّم معلومات صحيحة لمعالجة الدراسة موضوعيا حتى يكون منصفا مدقّقا ولكن بعد هذا كله يكتب: (إنه لا يمكن أن يكون هناك شك على أي صورة أن محمدا قد تمثل أفكارا من التلمود وبعض المصادر المحرّفة، أما بالنسبة للمسيحية فإن هناك احتمالا طاغيا بأن محمدا قد استمدّ إيحاءه منها) .. ومن أجل تبيّن مدى موضوعية المبشّر المذكور يجب أن نقرأ هذه الكلمات التي وردت في ختام مقاله: (إن للعالم أن يرى ماذا سوف يحدث حين يعرض إنجيل المسيح الحي بالصورة الملائمة لملايين المسلمين) !! (?) .
وامتدادا لهذه الأزمة (المذهبية) التي تؤثر سلبا على نقاء المنهج الاستشراقي، يلمس المرء في معطيات المستشرقين تعاطفا مع العناصر والقوى المضادة للإسلام، ولنبيّه عليه الصلاة والسلام، ولا ريب أن ما يتمخّض عن هذا من (كراهية تضع جدرانا بين القوم وبين الفهم الصحيح لوقائع السيرة، وتصيب مناهج العمل بمزيد من التشنج.. وفرق كبير بين الحكم الذي يصدره قاض يقف موقفا محايدا بين طرفي القضية، والحكم الذي يصدره قاض يتعاطف مع أحد الطرفين ويكره الآخر أو يدينه ابتداء!!) .
الشواهد كثيرة، ويكفي أن يقرأ المرء كتابات مرغوليوث أو فلهاوزن أو بروكلمان ليرى بأم عينه اتساع هذا التيار في المعطيات الاستشراقية..
مثلا: نقرأ لدى بروكلمان هذا النص: «.. لم يطل العهد بمحمد حتى شجر النزاع بينه وبين أحبار اليهود. فالواقع أنه على الرغم مما تمّ لهم من علم هزيل في تلك البقعة النائية كانوا يفوقون النبي الأمي في المعلومات الوضعية وفي حدة الإدراك» (?) . ونقرأ: «كان على محمد أن يعوض خسارة