الخاتمة

المحصّلة النهائيّة التي يمكن أن نصل إليها من خلال التعامل مع دراسات المستشرقين، أيّا كان موقعهم، أنه لا يمكن لهذه الدراسات- على الإطلاق- (وبالتأكيد العقلي، غير الانفعالي، على هذه العبارة الأخيرة) أن ترقى إلى مستوى السيرة فتكون قديرة على التعامل معها والتوغل في نسيجها، وإدراك بنيتها بعمق، ورسم الصورة الموضوعية العادلة لها.

ذلك أن هناك أكثر من خلل في (منهج العمل) ، ولن يتمخّض هذا الخلل إلّا عن حشود من نقاط سوء الفهم والأخطاء على مستوى الموضوع.. الأخطاء التي تنتشر كالبثور على جسد السيرة المترع صحة وتماسكا وعافية، فتشوهه وتنثر على صفحاته البقع والشروخ.

نعم.. ثمّة فرق بين مستشرق وآخر.. ونحن إذا قارنّا (وات) ب (لامانس) مثلا، أو حتى بفلهاوزن، وجدنا هوّة واسعة تفصل بين الرجلين.. يقترب أوّلهما ويقترب حتى ليبدو أشدّ إخلاصا لمقولات السيرة من أبناء المسلمين أنفسهم.. ويبعد ثانيهما ويبعد حتى ليبدو شتّاما لعّانا وليس باحثا جادا يستحقّ الاحترام..

ومع ذلك فهو فرق في الدرجة وليس في النوع.. فها نحن نقف بعض الوقت عند كتاب (محمد في مكة) لأكثر المستشرقين حياديّة كما أكّد هو نفسه في مقدمته وكما قيل عنه، ولنتذكّر عبارات المستشرق البريطاني (جب) ، ونشير كذلك إلى عبارات المستشرق الفرنسي (مكسيم رودنسن) :

«من النادر أن ترى عالما لا يهتم فقط بجمع مواد بحثه، بل يطرح الأسئلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015