الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو تحليل يختلف في اتجاهه تماما عن التحليل الماديّ للتاريخ، يقول (وات) : «نستطيع تحديد الموقف بقولنا:
إنه، ولو كان محمد على علم واسع بالأمراض الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية في عصره وفي بلاده، فإنه كان يعدّ الناحية الدينية أساسية، ولهذا حصر اهتمامه بهذه الناحية. وهذا ما حدد أخلاق الأمة الجديدة، فقد اهتم المسلمون الأوائل بعقائدهم وشعائرهم الدينية اهتماما شديدا، حتى لو أنّ رجلا يهتم خصوصا بالسياسة خلال الفترة المكّية لما ارتاح إلى العيش بينهم، ولا سيما حين اشتد النضال مع المعارضين وأصبحت نبوة محمد موضوع الخلاف الرئيس، فقد اتجهت أفكارهم أولا إلى الدين، ولهذا دعي الناس إلى الإسلام على أساس دينيّ، ولا يكاد يكون للأفكار الواعية الاقتصادية أو السياسية أي دور في اعتناق الإسلام، نقول هذا ونحن نعتقد بأن محمدا والمتنوّرين من أتباعه قد أدركوا الأهمية الاجتماعية والسياسية لرسالته، وإن مثل هذه الآراء كان لها أثر بالنسبة إليهم في إدارة شؤون المسلمين» (?) .
وفي مكان آخر يؤكّد (وات) هذه (الفكرة) التي تضع الأمور في نصابها بعد أن أطاحت بها ذات اليمين وذات الشمال نظرية التفسير المادي التي عضّت بنواجذها على صيغة الإنتاج كقاعدة تحتيّة لكل المتغيّرات على الإطلاق!: «كانت المشكلة التي جابهها محمد- يقول وات- لها جوانب اجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية، غير أن رسالته كانت في الأساس دينية بحيث إنها حاولت علاج الأسباب الدينية الكامنة لهذه المشكلة، ولكنها انتهت لمعالجة الجوانب الآخرى، لهذا اتخذت المعارضة أشكالا مختلفة» (?) .