بغلاف كافٍ من الحقائق، والصدق، كلما كان كذلك كان، أوجع وأوقع، وأخطر.
- يحمل المُسْتَشْرِقُ جولدتسيهر على السُنَّة المُطَهَّرةُ حملة شعواء، ويحشد لما يقوله من التشكيك فيها، أدلة من أوهامه، وتزييفاته، وتحريفاته، نكتفي بعرض نموذج واحد لهذه التحريفات، التي يزيِّف بها النصوص، ويُغَيِّرُهَا، لتحقق له هدفه.
وهو محاولة الطعن في رُواة الحديث جملة، فيستعرض، بعض ما يقوله علماء الرجال في الرُواة، ويُخرجونه مخرج الجرح والتعديل، ليوهم بأنَّ هؤلاء الرُواة، مجروحون، كذَّابون.
فمن ذلك قوله: ويقول وكيع عن زياد بن عبدالله البَكَّائِي: «إِنَّهُ مَعَ شَرَفِهِ فِي الحَدِيثِ كَانَ كَذُوباً» ولكن ابن حجر يقول في " التقريب " «ولم يثبت بأنَّ وكيعاً كذَّبهُ».
يريد جولدتسيهر بهذا أنْ يقول: إنَّ زياداً البَكَّائِي كان كذوباً، مع عُلُوِّ منزلته في الحديث، وذلك بشهادة (وكيع) أحد أعمدة الجرح والتعديل، فإذا كان مثل زياد البَكَّائِي (كَذُوباً) فأي ثقة بالحديث، والسُنَّة؟؟!!.
فلننظر أصل النص، وكيف حَرَّفَهُ جولدتسيهر، جاء في " التاريخ الكبير " للإمام البخاي: «وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ عَنْ وَكِيعٍ: وَهُوَ (أَيْ زِيَادٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ البَكَّائِي) أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ». اهـ.
هذا هو النص كما ترى ينفي عن زيادٍ الكذبَ أَشَدَّ النفي وأبلغه، فهو «أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ». أي أنه أبعد من الكذب بِسَجِيَّتِهِ وفطرته، وطبعه وشرف نفسه، وعُلُوِّ هِمَّتِهِ وَسُمُوِّ نفسه، فلو كان الكذب (حَلاَلاً) غير مَنْهِيٍّ عنه شرعاً ما كذب. كما رُوِيَ عن بعضهم «لَوْ كَانَتْ خِيَانَتُكَ حَلاَلاً مَا خُنْتُكَ»، مبالغة في بُعْدِ الخيانة عن طبعه، ومُجافاتها لِشِيَمِهِ.
ومع وضوح هذا النص يُحَرِّفُهُ هذا المُسْتَشْرِقُ إلى: «إِنَّهُ مَعَ شَرَفِهِ