للآن - فيما أعلم - ليس لدينا دراسة دقيقة، تقوم على حصر أعمال المُسْتَشْرِقِينَ، في مجال تحقيق التراث ونشره، ونحن - لا شك - أحوج ما نكون إلى هذه الدراسة، بل نراها تأخَّرت طويلاً، وإلى أنْ تَتِمَّ سيظل الحديث في هذا المجال (عمل المُسْتَشْرِقِينَ) يقوم على الحدس والتخمين، ويعتمد على ملاحظات سريعة، ويتأثَّرُ بأهواء مزاجية، وصلاتٍ شخصية، ومواقف نفسية، تجذبه من يمين ويسار.
وحينما نقوم بهذه الدراسة - إنْ شاء الله - نستطيع أنْ نرى في ضوئها ما يلي:
أولاً: عدد الكتب التي أخرجها المُسْتَشْرِقُونَ بجهودهم العلمية، وتحديد (الكَمِّ) الذي قاموا بخدمته من تراثنا، ويتبع ذلك، وينبني عليه بيان نسبة عملهم إلى مجموع ما تم نشرُهُ، فيتحدَّدُ بالضبط المقدار الذي اسهموا به في نشر تراثنا، فلا نغمطهم فضلهم - إنْ كان لهم فضلٌ - ولا ننسب إليهم ما لا يستحقُّون استجابة لعقدة الهوان، ومُرَكَّبَاتِ النقص التي سيطرت على كثيرين مِمَّنْ سَمَّوْا أنفسهم، وأسْمَتْهُمْ أجهزة التضليل (قادة الفكر).
ثانياً: معرفة اتجاهاتهم النشر لدى المُسْتَشْرِقِينَ، بمعنى أنْ نعرف الكتب التي تحظى باهتمامهم وتجذب انتباههم، من أي لون هي، ومن أي فرع من فروع المعرفة، وما قيمتها في هذا الفن، ثم ما علاقتها بما ينشرونه من فنون أخرى.
ثالثاً: درجة الدِقَّةِ والاتقان في هذه الأعمال، بل درجة الصحة