الدين النصارى، وقد صنف فيه رينان كتاباً بعنوان: ابن رشد والرشدية (باريس 1852 - 69) وقال فيه: ألقى أرسطو على كتاب الكون نظرة صائبة ففسره وشرح غامضة، ثم جاء ابن رشد فألقي على فلسفة أرسطوا نظرة خارقة ففسرها وشرح غامضها. وقال فيه كارا دي فو: كان شرحه لأرسطو أوفي شرح في العصر الوسيط (?) ومحيي الدين بن عربي (المتوفى 1240) أعظم عبقرية تفتق عنها التصوف الإسلامي وقد تأثر بكتابيه: الفتوحات المكية، ومختصره فصوص الحكم دونس سكوتوس، وروجر بيكون، ورايموندو لوليو، وفلاسفة اليهود من أمثال يحيى بن لاوي، وموسي بن ميمون. وكان ابن تومرت مؤسس دولة الموحدين من تلاميذ الغزالي (1107) قد نشر الأشعرية في المغرب فقامت لها سوق في صقلية والقيروان وقرطبه.
وعلى الرغم من اقتصار دولة الإسلام في الأندلس على مملكة غرناطة، ورحيل كثير من أهل الفن والأدب والعلم عنها، وإهمال المسلمين للغتهم فقد أنشأ بعضهم المدارس لقراءة القرآن، وصنف مفتي سيجوفيا (1462) كتاب فروض السنة، ونبغ الشاعران: ابن سعيد المغربي، وأثير الدين أبي حيان، والمؤرخان: ابن الخطيب (المتوفى 1374) الوزير ومصنف نحو ستين كتاباً سلم منها عشرون أشهرها الإحاطة في تاريخ غرناطة. وابن خلدون (المتوفى 1406) أسبق عالم إلى فلسفة الاجتماع، إذ بينه وبين مونتسكيو مؤلف: روح الشرائع (1748) عدة قرون. والنحوى أبو حيان البربري الأصل، وقد ألف في نحو اللغات: الفارسية والتركية والقبطية والحبشية. والرحالان: العبدري، وابن رشيد، والرياضيان: ابن البناء، والرقوطي. وبقيت العربية لغة المعاملات والعقود حتى عام 1580 واستمر بعض أهل قرى بلنسية يتخاطبون بها إلى أواخر القرن التاسع عشر.
هذا خلا فقهاء الأندلس ومحدثيها وقراءها، وعدا علماء شمالي أفريقيا الذين اشتهروا فيها من أمثال: الشريف الإدريسي (المتوفى 1166) الذي ولد في سبتة واشتهر في بلاط روجه الثاني ملك صقلية وألف له: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، وذيله بتسع وستين خريطة ظلت مرجع جغرافي أوربا طوال ثلاثة قرون ونصف