الأغراض فسقط دي ساسي بين ثلاثة وعشرين رقماً في صفحات متفرقة وهوامش متعددة؛ وغيرها على بلد المضيف أو القومية، فنسب كازانوفا الفرنسي إلى إيطاليا على الرغم منه؛ ومعظمها اقتصر على بضعة من الآثار مغفلاً مكان نشرها، فذكر لكراوس ثلاثة وله عشرات.

ولما رأيت حظ المستشرقين من العربية أقل من نصيبهم فيها، سلخت في إعداد الطبعة الأولى عنهم سنتين ولما تف بما أحببته لها. وبذلت قصارى جهدي في الثانية فصلح بعض أمرها. ثم شجعنى نفادها على ثالثة خصصتها بخمس ساعات في اليوم طوال ست سنوات، منقباً عن التراث الشرق من فجر الحضارة إلى اليوم، مما أطال المقدمة، محصياً نشاط المستشرقين فيه حتى في مقالاتهم، ولمعظمها قيمة دراسية في ذاتها، محاولا توسيع آفاقه التي خفي بعضها عنا. وقد طبعت من الطبعة الثالثة خمسين نسخة أرسلتها إلى الملحقين الثقافيين، والأصدقاء من أعلام المستشرقين لتحقيق ما فاتني تحقيقه في مظانه -وقد نوهت به في تراجمهم- وأعدته واستعدته مرات، استيفاء لتراجم المستشرقين وعناوين آثارهم وأماكن طبعها وتواريخها إلا القليل منها الذي لا سبيل إليه.

وهكذا صدرت الطبعة الثالثة وقد أوفت على كثير مما تمنيته لها، وأصاب عملي المتواضع فيها أهدافاً أربعة هي: اتصال تراثنا بالحضارة الإنسانية اتصالاً وثيقاً منشأ وتأثراً وأثراً، والكشف عن كنوزه في الغرب مجموعة مصونة مفهرسة، وتحقيق المستشرقين لها وترجمتها ومقارنتها بنظائرها والتصنيف فيها، ووضعه بالعربية لأسهل عليهم الرجوع إليه، فلو أنه كتب بالفرنسية مثلاً لوجد مستشرق سكسوني أو سلافي لا يفهمها -ولن يفتقد فيه ما لا يعرفه- أما وهو مستشرق -وجل المستشرقين مستعربون- فسيقف عليه ويقرأ فيه تقديرنا لجهده واعترافنا بفضله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015