سلطنهم قضى على المشروع. ولما عقد الفرنسيون معاهدة الامتيازات مع سلمان القانوني (1535) أنشأوا تجارة رسمية في الشرق الأدنى وأقاموا قنصلاً في الإسكندرية ثم نقلوه إلى القاهرة (1611) ثم رجع إلى الإسكندرية فاراً (1777) وأسس الانجليز الشركة التركية (1581) وبعثوا أول سفير في بلاط السلطان وعينت الشركة قنصلاً لها في القاهرة (1583) وناقستها فرنسا فحملتها على استدعائه (1756) واتفق الفرنسيون والبنادقة على الإنجليز، ثم ضموهم إليهم في مزاحمة الهولنديين واستطاعت شركة الهند أن تبيع الصادرات الشرقية إلى أوربا عن طريق رأس الرجاء الصالح بنحو نصف أثمانها، وأول من نزل طرابلس بلبنان البنادقة وانتقل إليها قنصلهم من دمشق (1545) ثم أقبل عليها الفرنسيون فاحتكروا منها تجارة الحرير والسجاد والقطن. ولما اتخذ فخر الدين الثاني (1590 - 1635) صيدا عاصمة (1593) - ثم مدت إمارته من طرابلس إلى الناصرة، واعترف به الباب العالي سيداً على بلاد العرب من حلب حتى حدود مصر (1624) - أصبحت أكبر ميناء تجاري في شرقي البحر الأبيض المتوسط واستورد الفلورنسيون - وقد عقد فخر الدين معاهدة مع دوقهم (1608) وفر إليهم من الباب العالي (1613 - 1618) واستقدم من عندهم المهندسين والخبراء الزراعيين - الحرير والقطن والرماد والقمح. ثم خلفهم الفرنسيون، فقدرت تجارتهم مع الشرق الأدني بأربعة عشر مليون جنيه (1635) منها ثمن 700 بالة حرير من صيدا وحدها، وكان بيعها منه في السنة بمبلغ 400,000 فلس (?) هذا خلا ما كانت تستبضعه منه من النبيذ والأخشاب وغيرها فأربت أرباحها من سائر سلعه على مليون ليرة في العام (?) مما اقتضاها إقامة قنصلية فانتدبت لها أبا نوفل الخازن نائب قنصل في بيروت (1655) ثم قنصلاً (1662) واستمر هذا المنصب في أسرة الخازن نحو مائة سنة، ثم خلفها الشيخ غندور سعد الخوري (1787) وقد خصت أبناء الطوائف المسيحية الشرقية باثنتي عشرة منحة ليتلقوا العلم في كولج لوي ليجران (1700).
وأثرت بعض المدن الأوربية والشرق الأدنى وشمالي أفريقيا، بفضل هذه