على غزو المغول سوريا واستعجالهم البابا وبعض ملوك أوربا في حملة صليبية تقضى على سلطنة مصر بعقد معاهدات مع بعض أمراء إسبانيا، وأميرة صور، واتفاق تجاري مع جنوى ثم هزم المغول وأخضع قلعة المرقب (1285) وطرابلس فهدها ودك قلعتها (1289) وفتح ابنه الملقب بالأشرف (1290 - 1292) عكا وقتل حاميتها عن آخرها وأحرقها (1291) فأدى سقوطها إلى جلاء الصليبيين عما كان في أيديهم: صور، وصيدا، وبيروت. وطرطوس.
وهكذا ردت أوربا على غزوات المسلمين بثمان حملات، وقيل عشر بإضافة حملة سيجفارد جور سالفار ملك النرويج (1111 - 1107) وحملة يوحنا هو نبادي (1443) وما تفرع عن تلك الحملات، إذ انتزع فرسان القديس يوحنا الذين تأسسوا في القدس (1070) ونجوا من مذبحة عكا بفرارهم إلى قبرص (1291) رودس من المسلمين (1310) ومالطة وتسموا باسمها (1310 - 1522) وغزوا الإسكندرية ونهبوها (1365) وطرابلس بلبنان والمهدية من أعمال تونس (1396) وقد كان فيليب ليبل ملك فرنسا قد صادر أموال أولئك الفرسان وعذبهم، وألغى البابا نظام فرسان المعبد (1312) وصادر إدوارد الثاني أملاكهم في إنجلترا. وقد حالف بعض الحملات الصليبية النصر حيناً وباء بعضها بالفشل ثم انتهت جميعاً بهزيمة الفرنجة وعودتهم إلى أوربا عودة المسلمين من معظمها إلى الشرق.
وفيما كانت الحروب الصليبية تشرف على نهايتها ظهر جنكيزخان (1162 - 1227) فوحد قبائل المغول (1203) - ويطلق العرب عليهم التتر، وقد اشتقوا كتاباتهم من الأبجدية السريانية فعل قبائل المانشو - ووضع أساس أكبر إمبراطورية زعزع قوادها الممالك ما بين الصين وبين الإدرياتيكي وقضوا على غيرها: ففتح المغول بخاري (1219) وسمرقند (1220) ودمروا خراسان ونيسابور واستولوا على مرات، وهزموا الروس عند نهر كلكا وجلسوا فوق أسراهم من القواد الأشراف ليطعموا وليمة النصر، فماتوا تحتهم اختناقاً (1224) ثم ارتدوا عن روسيا