وقد تناولت دراسات المستشرقين موضوعات شتى من اللغات والآداب والعلوم والفنون والعقائد والتاريخ والجغرافيا. هذا خلا الذين نشطوا للتنقيب عن الآثار وحل رموزها ووصف رحلاتهم فجلوا كثيراً من بلاد العرب وتراثها الحديث للعالم.
وفي عام 1945 شكل وزير الدولة للشئون الخارجية لجنة برئاسة إيرل أوف إسكاربورو لبحث وسائل وبرامج تعليم اللغات والثقافات الشرقية والسلافية بما فيها أوربا الشرقية، وقد أفادت الدراسات الشرقية من تنفيذ توصيات تقرير تلك اللجنة قوة جديدة بفضل الزيادة الكبيرة التي أدخلتها على هيئات التدريس، والمنح التي خصتها بالأقسام الشرقية. ثم حجبت المنح الخاصة في عام 1952.
وفي عام 1960 انبثقت عن لجنة المنح الجامعية لجنة فرعية برئاسة هيتر فاستعرضت نواحي التطور التي طرأت على التدريس الجامعي منذ عام 1946 (تقرير لجنة إسكاربورو) وأوصت بتدريس تاريخ وجغرافية واقتصاديات وقوانين دول آسيا وأفريقيا وأوربا الشرقية تدريساً مستوعباً بدلا من الاقتصار على تعليم لغاتها، كما اقترحت بادة دراسات هذه المناطق دراسات خاصة، والعناية بلغاتها الحديثة. وقد أسفر تنفيذ توصيات تقرير هيتر عن نتائج طيبة منها إنشاء مراكز لدراسات المناطق ولا سيما في الجامعات الجديدة.
وهكذا انتهى تطور الاستشراق إلى هذا المذهب العلمي الذي استمر من مطلع القرن التاسع عشر حتى اليوم، وإنما يفهم من المذهب العلمي التخصيص لا التعميم. فما كانت الدراسات الشرقية قط مجرد نوع من أنواع الرياضة لمن سمح له وقته وثروته بذلك. وما جرت العادة في أوربا على اصطناع اللغات الشرقية في سبيل الخدمة العامة كالتعليم أو التجارة أو السياسة وإن أفاد بعضهم من بعضها، ومن السياسيين المعاصرين: السير أنطوني إيدن الذي تخرج بالعربية من جامعة أكسفورد. والسير إمرى النائب السابق في الهند فقد تعلم الفارسية والتركية، ويعني اليوم بجمع الرسوم الفارسية الحديثة. إلا أن مثل هؤلاء قليل عددهم (?).