أو البطم - عاصمة الولاية العربية بعد قضائه على البتراء (106) وفي بصري تلك ولد فيليب العربي، من أم نصرانية، وكان ثرياً مثقفاً مخلصاً لرومة فقتل الإمبراطور دسيوس الذي ضعف أمام هجمات الفرس، ثم أبرم معهم عهداً وعاد إلى رومة فأقره مجلس الشيوخ إمبراطوراً (249) فوضع منهجاً يعيد إلى الإمبراطورية دينها وأخلاقها وعاداتها وأمر بالقضاء على المسيحية، ولما قتل القوط ابنه إلى جانبه عند نهر الدانوب صاح في جيشه الهياب: لا قيمة لخسارة فرد. وكر على العدو وقتل في أقسى هزيمة أصابت الرومان (251) وفي ذلك القرن شق الغساسنة طريقهم من اليمن، بعد خراب سد مأرب وتفرق أهله إلى حوران وقد سبقهم إليها ولحق بهم بطون من العرب، فاستوطنوها وتنقلوا بينها واستقروا في جلق مدة وجعلوا تبوك مقراً لحمايتهم واتصلوا ببيزنطية، وأسس جفنه بن عمرو مزيقيا دولتهم، ثم تنصروا على مذهب الطبيعة الواحدة الغالب على سوريا. وكان أعظم ملوكهم شأناً الحارث بن جبلة (529 - 569) الذي انتصر على اللخميين ملوك الحيرة وحلفاء الروس فكافأه جوستنيان بلقبي بطريق ورئيس قبيلة، وهما أعلى المراتب بعد الإمبراطور، وأطلق يده، في شمالي سوريا (529) ثم عاون بيزنطية على قمع الثورة السامرية وفي حرب الفرس (541) إلا أن أحد أبنائه وقع في أسر المنذر الثالث اللخمي (544) فقدمه ضحية للعزى، فلما فاز الحارث بخصمه انتقم لابنه منه بقتله في وقعة قرب قنسرين (554) وزار بلاط جوستنيان (563) وخلف فيه أثراً طيباً ورجع منه بأمر تعيين يعقوب البرادعي، مطران الرها، أسقفاً على الكنيسة السورية، فعرف أتباعه من بعد باليعاقبة، ومد الحارث رقعة مملكته من قرب البتراء إلى الرصافة شمالى تدمر، وجعل بصري التي بنيت كاتدرائيتها (عام 512) عاصمتها الدينية ووريثة تدمر السوق التجارية، وخلفه ابنه المنذر (569 - 581) فسار على خطاه، ولكن غيرته على مذهب الطبيعة الواحدة، غير المتفق مع دين الإمبراطورية الرسمي أغضبت منه بيزنطية، فشق الغساسنة عليها عصا الطاعة طيلة ثلاث سنوات، ثم عقد الصلح بينهما عند قبر القديس سرجيوس بالرصافة (575) وقصد المنذر بولديه القسطنطينية (580) فاحتفي بهم إمبراطورها الجديد طيباريوس الثاني وأنعم عليه بالتاج. فلما رجع أغار على