ولي شاتلييه، أحب أساتيذه إليه في الاستشراق، ولا نال من المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية دبلوم اللغة العربية، فصحى وعامية (1906) ألحق بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية في القاهرة فعنى بالآثار الإسلامية، وقصد بغداد حيث صادق العالم الألوسي واكتشف قصر بني لخم المسمى بالسدير في الأخيضر (1907 - 8) ثم عاد إلى القاهرة (1909) واستمع إلى دروس الأزهر، بالزى الأزهرى. وانتدبته الجامعة المصرية أستاذاً التاريخ الفلسفة (1912 - 13) فألقي بالعربية في تاريخ المصطلحات الفلسفية أربعين محاضرة ممتعة. ثم رحل إلى الجزائر (1914) واشترك، في حملة الدردنيل (1915 - 16) وطوف في الحجاز والقاهرة والقدس (1917 - 19) وأقام في القدس وبيروت وحلب ودمشق والآستانة، ثم رجع إلى باريس فعين معيداً في كرسي الاجتماع الإسلامي في معهد فرنسا (1919 - 24) وأستاذ كرسي (1926 - 54) ومديراً للدراسات في المدرسة العملية العليا حتى تقاعده (1954) وكان قد حصل على الدكتوراه برسالة عن آلام الحلاج من السوربون (1922) وتولى تحرير مجلة العالم الإسلامي (1919) ومجلة الدراسات الإسلامية التي حلت محلها (1927) وتقويم العالم الإسلامي، التابع لها.
لقد ناصر ماسينيون الحق في الإسكندرونة وثمالى أفريقيا واستعاد جامع القيشاوة في الجزائر لأصحابه المسلمين بعد 132 سنة، ووقف ذكاءه وعلمه ونشاطه في التنقيب والتعليم والتصنيف على الإسلام: آثاراً، ونظماً اجتماعية، وفرقاً، ولا سيما تصوفاً ذلك التصوف الذي جعل منه بعد الإلحاد متصوفا يدرك معاني جميع الأديان، في استيعاب واستنباط، ويدعو أصحابها إلى الوئام، ثم متعبداً على المذهب البيزنطي. ومعظم الدراسات المتعلقة بالتصوف الإسلامي في دائرة المعارف الإسلامية بقلمه، حتى عد مرجعه في الغرب، وانتخب عضواً في مجامع علمية عدة منها الجمعية الآسيوية، والمجمع اللغوي بمصر (منذ إنشائه 1933) والمجمع العلمي العربي في دمشق. وحاز أوسمة رفيعة، وله مريدون عديدون أخذوا عنه العلم والمروءة والحلم، وقد أصدروا كتاباً بعنوان منوعات ماسينيون، يضم دراسة عنه وفهرساً لمصنفاته، وبحوثاً في أغراض شتى (دمشق 1956) كما أصدرت دار السلام كتاباً عنه بعنوان: ذكر ماسينيون (القاهرة 1963).