أوغسطين (354 - 430) من خريجي مدرسة قرطاجنة أسقف هيبون وأشهر أحبار الكنيسة اللاتينية وقد خلف بلغتها، إلى إتقانه اليونانية ومعرفته الفينيقية، من التواليف ما ترجم إلى لغات عديدة وأبعدها صيتاً: مدينة الله، والاعترافات، ورسالة في النعمة، فوضع فيها أساس علم اللاهوت في الغرب، وعمل على التوفيق بين الأفلاطونية والنصرانية أو العقل والإيمان، وعد ينبوع التصوف الذي نهل منه العالم المسيحي وتأثرت به الصوفية العالمية، وظلت الحياة الفكرية متأثرة به نحو ألف عام.
وخرج الآراميون، وهم جماعات سامية، من صحراء سوريا (القرن الرابع عشر ق. م) وأصبحوا تجاراً دوليين (من القرن العاشر إلى الرابع) وجعلوا الآرامية لغة غرب آسيا حتى أن كتبت بها الآداب اليهودية والنصرانية.
وتوالى على سوريا، الفراعنة خلا مدينتين (1580 - 1375) والحثيون والأموريون (1375 - 1350) والحثيون (1350 - 1200) ورمسيس الثالث (1198 - 1167) واستقلت بآراميتها (1000 - 700) وتبعت الأشوريين (732 - 538) والفرس (538 - 332) وورثها السلوقيون عن الإسكندر، وانتزع بعضها منهم البطالمة (323 - 64) وفتحها الرومان (64 ق. م - 395) م وحل محلهم البيزنطيون (395 - 638) فأجلاهم العرب (638).
وفي عهد الإسكندر وخلفائه نزح حكماء من اليونان إلى الشرق الأدنى فأنشأ بعضهم مدرسة فلسفية في حران (?) ترامت شهرتها إلى أفريقيا وإيطاليا على حد قول السمعاني. وشيد سلوقوس الأول أنطاكية (300 ق. م) وجعلها عاصمة لملكه. ثم أصبحت ثالثة مدن الإمبراطورية الرومانية بعد رومة والإسكندرية. ولطالما شكا الشاعر الروماني الهجاء جوفنال (60 - 140) من تدفق سيل المشرقيين على رومة بقوله: لقد أخذ نهر العاصي، يصب منذ زمن طويل في نهر التيبر (?). ولكن الرومان أفادوا من ذلك التدفق فانتفع تراجان بعبقرية
أبلودورس، وهو يوناني من أهل دمشق، فخطط له الطرق والقنوات وجسر نهر الدانوب، وأنشأ في رومة سوقاً جديدة أحاطها بمبان فخمة على مدخلها قوس تراجان (المتوفى 117).
لوسيانوس (المولود عام 125 م) الفيلسوف وقد زاول المحاماه في أنطاكية، وطوف -وهو يفاخر بأصله السوري ولغته السريانية - في آسيا الصغرى واليونان وإيطاليا وغاليا حيث تبوأ كرسي الفلسفة واستقر مدة في أثينة (165) وأنقذه ماركوس أورليوس من الفقر بتعيينه في وظيفة بمصر. وقد بلغت مصنفاته 76 مصنفاً أشهرها: محاورات الحظيات، والتحقيق مع زيوس، وزيوس تراغويدوس ومحاورات الأموات - التي قلده فيها دى فونتيل،