به بعض الرحلات التي تقدمتها.

أما السفراء وملحقوهم الذين تخرجوا من مدارس اللغات الشرقية وبعثوا إلى الشرق وأقاموا فيه، فقد حققوا ما كتبوه في مواضعه وعاونوا على جمع مخطوطاته وتعليم لغاته وإنشاء المطابع لنشر مصنفاته فكانوا نواة طيبة للاستشراق العلماني. واقتبس بعضهم بطول إقامتهم بين الشرقيين بعض عاداتهم فدخنوا الأفيون والنارجيلة وشربوا القهوة (?). واعتنق غيرهم الإسلام وبلغ الوزارة ونال رفيع الألقاب كبوتفال باشا وغيره كثير. ومنهم من عاب على قومه نظرتهم الخاطئة إلى الشرق فعل الأب شوازي بعد عودته من سيام فقال: إنهم يحيطون بنا إحاطتهم بالدببة للتفرج علينا، حتى إن الملك نفسه لا يدع لنا من الوقت متسعاً للجواب على أسئلته، كأننا خارجون من بلاد الأسرار. ومنهم من وقف عند حد سفارته ولم يتعدها كالرزبلي الذي أسفره الملك لويس الرابع عشر إلى سلطان المغرب لفك الأسرى النصاري (1630) بيد أن أشهر سفارة غربية في البلدان الشرقية كانت مغامرة الآنسة باتي كيتا التي أحبت تاجراً فارسياً في باريس وصحبته إلى فارس حتى إذا توفي أعلنت نفسها سفيرة لفرنسا في فارس (1703) فجاءت مغامرتها موضوعاً فذاً المجموعة من القصص والمسرحيات والأغاني.

واستبدلت أوربا بسفرائها في الشرق سفراء في عواصمها: فاستقبلت باريس سفراء: تركيا (1669) وسيام (1684) وفارس (1715) ثم سفير الهند بعد سنوات. وقد ذكر عبد الرحمن بن زيدان. استناداً إلى الكونت دي كاستري، رسائل مولاي إسماعيل صاحب المغرب إلى لويس الرابع عشر ملك فرنسا، وجيمس ملك إنجلترا، والدون كارلوس ملك إسبانيا، وفيها من اللوم والتهديد الشيء الكثير مما يدل على اتصالات بين تلك الدول عن طريق السفارات.

وكان معظم سفراء الشرق فخوراً بنفسه، محباً للترف، ساعياً إلى الجاه: في أزياء فاخرة، وحلى من ذهب وماس، وضروب طيب على مقاصف عامرة. حتى إذا قدم سفير على الملك ازدحم الناس في الشوارع وتسابقت حسان القصر إلى الأروقة ليروا كيف يسير ويجلس ويشرب ويأكل. ثم يسعون إليه في داره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015