الذين ينقلونهما إلى اللاتينية - لغة ثقافتهم، وقد عاونهم على نشرها، كونهم يملكون جنوب إيطاليا، واشتراك إيطاليا - البندقية وجنوى - في الحملات الصليبية سعياً وراء التجارة، واقتصارها منذ الحملة الرابعة على قطف ثمارها فعقدت مع سلاطين مصر معاهدات لقاء امتيازات عادت على الفريقين بثروات طائلة حاربا في سبيلها البرتغاليين معاً، مما جعل العربية ضرورة لتجارة المدن البحرية ولغة المعاملات والعقود والمعاهدات بين جنوة والبندقية وبين مصر ولبنان، وبين تونس وبين بيزا (1265) حتى سقوط القسطنطينية (1454) فأضيفت التركية إلى العربية. وهكذا كان ملوك صقلية وأمراؤها عرباً في ثقافتهم وأساليب حياتهم (?) وتزينت نساؤها بزينة المسلمات من ثياب حرير وتخضيب وتعطر، كما خلف العرب في صقلية وجنوب إيطاليا: مصنع الحياكة في قصر بالرمو الذي ظل يجهز الأسر الملكية في أوربا بالبزات الرسمية حقبة من الزمن، وفن تجليد الكتب على النمط العربي، وما زال الطراز الإسلامي على قصر لازيزا (العزيز) وسقف معبد بولا تينا، وقصور ملوك النورمان المزدانة بالنقوش العربية. وتعاون العرب واليونان في ترصيع كنائس بالرمو، ودير مونريال، وكنيسة سيغالو بالفسيفساء (1148). هذا خلا ما خلفوه في اللغة الإيطالية مثل: قرمز، كافور، زعفران، أكسير، جزية، صك، رزمة، قنطار، دار الصناعة، ورياح الموسم. ومن أسماء الأمكنة: قلعة النساء، قلعة الجن، مرسى الميناء، منزل الأمير. وسائر أسماء آلات الطرب.

وقد أفاد الصقليون والإيطاليون من الفن القصصي الذي أمدهم العرب به، فجاء كتاب كليلة ودمنه لهم كما جاء كتاب ألف ليلة وليلة للفرنسيين فيما بعد، معينة من الإيحاء ومثلاً رائعاً في الاحتذاء، وعلى غراره صنفوا: الطراز الأول المحادثات الحيوان الفلسفية الأدبية، وحكومة الحكومات، والأمثلة الأدبية للحيوانات المتفاهمة الخ.

وانتشرت فلسفة ابن رشد انتشاراً كاد يجعلها الطراز العصري بين مختلف طبقات رجال الدين في إيطاليا (1240) وصادفت لدى الناشئة قبولا عده بترارك ازدراء باليونانية واللاتينية فلم تأبه له إذ كانت ترى من مفاخرها التثقف بالثقافة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015