مرتبه - حتى وهو في رومة ليضمن عودته إلى باريس- لقاء الخدمات الحلى التي أداها لجلالته. إلا أن علماء باريس سعوا إلى تأخير تنفيذ القرار الملكي، وأقنعوا الصهيوني بالبقاء إتماماً لرسالته كأستاذ ومؤلف فبقي، وكانت بعض حقائبه قد أبحرت إلى رومة. وحل لى جاي Le Jay، وهو محام كبير، محل الكردينال دي بيرون، ودي نو، في مشروع التوراة، واتفق مع أنطون فيتري على طبعها، فكلف فيترى صانعاً ماهراً بحفر الحروف العربية والسريانية واليونانية واللاتينية، وكان قد أخذ الصناعة عن أبيه الذي صب حروف طبعة انفر، ووضع الصهيوني نماذج الحروف السريانية والعربية وقد عرفت باسمه. ثم اختلف الصهيوني ولي جاي وعرضت قضيتهما على الكردينال ريشيليو، وكان يطمع في تتويج التوراة باسمه فعل الكردينال كزيمينس، فاستولى على ترجمات الصهيوني ومخطوطاته وأودعه سجن دونجون دي فنسين، إلا أن ثلاثة من كبار أساتذة معهد فرنسا انتصروا له فأطلق سراحه بعد ثلاثة أشهر (18 نيسان/ أبريل 1640) وأقام في باريس حتى وفاته.
وصدرت توراة لي جاي (باريس 1628 - 45) ومعظمها من عمل الصهيوني، بمعاونة الحصروني والحاقلاني- وقد اعتمدوا على ما لديهم من مخطوطات عربية وسريانية، وما وجدوه منها في المدرسة المارونية برومة، وما أهداه زملاؤهم إلى المكتبة الفاتيكانية وغيرها- فأطراها العلماء وأثنوا على عبقريته ودقته وأناقة أسلوبه بالعربية والسريانية واللاتينية. وعده الفرنسيون- وعلى رأسهم كولمبيه- من مفاخر فرنسا، ونقشوا اسمه في رخامة على مدخل معهد فرنسا. وقال فيه الفيلسوف الإنجليزي الأسقف والتون الذي نشر التوراة في لندن، على طريقته: من ينكر فضل الصهيوني على التوراة يكن ناكراً للجميل، وغامطاً حقه في الخلود.
آثاره: الطقس الماروني (رومة 1592 - 96) وحياة القديس مارون (1594) وترجم بمعاونة شلق: التعليم المسيحي للكردينال بلارمن (1613) ومزامير داود (1614). وصنف بمعاونة الحصروني: قواعد اللغة العربية، في خمسة أقسام (باريس 1616) وترجمة إلى اللاتينية قسماً من نزهة المشتاق للإدريسي، وهو الجزء الخاص ببلاد النوبة (باريس 1619) وذيلاه بدراسة عن بعض مدنها