ونحن مأمورون أن نقتدي بهما؛ بل من اعتقد أنه يجوز له أن يخرج عن طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصديقه في شيء من أموره الباطنة والظاهرة فإنه يجب استتابته فإن تاب وإلا قتل كائنا من كان.

وأما ما ذكره الحكيم الترمذي في أصناف الرحمة. فلا ريب أن الرحمة أصناف متنوعة كما ذكره.

وليس في الحديث: «رحمة من عندك» وإنما فيه: «فاغفر لي مغفرة من عندك» ولكن مقصوده أن يشبه هذه بقوله: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [8/3] وقد جعل هذه المغفرة من عنده سبحانه مغفرة مخصوصة ليست مما يبذل للعامة، كما أن الرحمة المخصوصة ليست مما يبذل للعامة.

وهذا الكلام في بعضه نظر. وهو كغيره من المصنفين في كلامه مردود ومقبول. فليس في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مغفرة من عندك» (?) ، ولكن في قول الراسخين في العلم: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [8/3] ونحو ذلك لا يقتضي اختصاص هذا الشخص دون غيره وإلا لما ساغ لغيره أن يدعو بهذا الدعاء وهو خلاف الإجماع أو تفسير اللفظ بما لا يدل عليه.

وقد قال زكريا: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} ولم تكن الذرية مختصة به ولا بالأنبياء؛ بل الله يخرج الأنبياء من الكفار إذا شاء ولكن بمشيئته والله أعلم أنه إذا قال: (من عندك) أو (من لدنك) كان مطلوبا بغير فعل العبد.

فإن ما يعطيه الله العبد على وجهين: منه ما يكون بسبب فعله كالرزق الذي يرزقه الله بكسبه والسيئات التي يغفرها الله بالحسنات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015