جوابه الموافق للحق، فأخرج بعض الحاضرين جوابه الأول، وقال: هذا جوابك بضد هذا، فكيف تكتب جوابين متناقضين في واقعة واحدة؟ فوجم الحاكم، فقلت: هذا من علمه ودينه أفتى أولاً بشيء ثم تبين له الصواب فرجع إليه، كما يفتي إمامه بقول ثم يتبين له خلافه فيرجع إليه، ولا يقدح ذلك في علمه ولا دينه، وكذلك سائر الأئمة، فسر القاضي بذلك وسري عنه (?) .
وقال شيخنا مرة: أنا مخير بين إفتاء هؤلاء وتركهم، فإنهم لا يستفتون للدين بل لوصولهم إلى أغراضهم حيث كانت، ولو وجدوها عند غيري لم يجيئوا إلي، بخلاف من سأل عن دينه، وقد قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في حق من جاءه يتحاكم إليه لأجل غرضه لا لالتزامه لدينه - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} [42/5] فهؤلاء لما لم يلتزموا لدينه لم يلزمه الحكم بينهم والله تعالى أعلم (?) .
وسمعت شيخ الإسلام يقول: حضرت مجلسا فيه القضاة وغيرهم فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر. فقلت له: ما هذه الحكومة؟ قال: هذا حكم الله فقلت له: صار قول زفر هو حكم الله الذي حكم به وألزم به الأمة قل: هذا حكم زفر، ولا تقل: هذا حكم الله، أو نحو هذا من الكلام (?) .
قال ابن القيم رحمه الله: من أفتى الناس وليس بأهل الفتوى فهو آثم عاص، ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضا، وكان شيخنا رضي الله عنه شديد الإنكار على هؤلاء، فسمعته يقول: قال لي