أريد أن انتقل عن مذهبي، قلت له: ولم؟ قال: لأني أرى الأحاديث الصحيحة كثيرا تخالفه، واستشرت في هذا بعض أئمة أصحاب الشافعي، فقال لي: لو رجعت عن مذهبك لم يرتفع ذلك من المذهب، ورجوعك غير مفيد، وأشار علي بعض أصحاب التصوف بالافتقار إلى الله والتضرع إليه، وسؤال الهداية لما يحبه ويرضاه فماذا تشير به أنت علي؟ قال: فقلت له: اجعل المذهب ثلاثة أقسام: قسم الحق فيه ظاهر بين موافق للكتاب والسنة فاقض به، وافت به طيب النفس، منشرح الصدر وقسم مرجوح ومخالفه مع الدليل، فلا تفت به، ولا تحكم به، وادفعه عنك، وقسم من مسائل الاجتهاد التي الأدلة فيها متجاذبة، فإن شئت أن تفتي به، وإن شئت أن تدفعه عنك، فقال: جزاك الله خيرا، أو كما قال (?) .
قال ابن القيم رحمه الله في دلالة العالم للمستفتي على غيره: وهو موضع خطر جدا، فلينظر الرجل ما يحدث من ذلك فإنه متسبب بدلالته إما إلى الكذب على الله ورسوله في أحكامه، أو القول عليه بغير علم فهو معين على الإثم والعدوان، وإما معين على البر والتقوى، فلينظر الإنسان إلى من يدل عليه وليتق الله ربه.
فكان شيخنا قدس الله روحه شديد التجنب لذلك، ودللت مرة بحضرته على مفت أو مذهب فانتهزني وقال: ما لك وله؟ دعه، ففهمت من كلامه أنك لتبوء بما عساه يحصل له من الإثم ولمن أفتاه (?) .
وسمعت شيخنا رحمه الله تعالى يقول: حضرت عقد مجلس عند نائب السلطان في وقف أفتى فيه قاضي البلد بجوابين مختلفين فقرأ