وكذلك يجب على الرعية الصبر على جور الأئمة وظلمهم إذا كان في ترك الصبر مفسدة راجحة.
فعلى كل من الراعي والرعية حقوقا للآخر، حقوقا عليه أداؤها كما ذكرت بعضه في كتاب الجهاد والقضاء، وعليه أن يصبر على الآخر ويحلم عنه في أمور، فلا بد من السماح والصبر في كل منهما، كما قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [17/90] وفي الحديث "أفضل الإيمان السماحة والصبر" وفي أسماء الله "الغفور، الرحيم" فبالحلم يعفو عن سيئاتهم، وبالسماحة يوصل إليهم المنافع، فيجمع بين جلب المنفعة ودفع المضرة، فأما الإمساك عن ظلمهم والعدل عليهم فوجوب ذاك أظهر من هذا، فلا حاجة إلى بيانه (?) .
وهم الخارجون على الإمام بتأويل سائغ (?) .
قال شيخنا: عامة الفتن التي وقعت من أعظم أسبابها قلة الصبر؛ إذ الفتنة لها سببان: إما ضعف العلم، وإما ضعف الصبر، فإن الجهل والظلم أصل الشر، وفاعل الشر إنما يفعله لجهله بأنه شر، وتكون نفسه تريده فبالعلم يزول الجهل، وبالصبر يحبس الهوى والشهوة فتزول تلك الفتنة (?) .